مقالات حول الحساب الفلكي
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
الحساب الفلكي وإثبات أوائل الشهور
أ.د. يوسف القرضاوي
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الأخذ بالحساب القطعي اليوم وسيلةً لإثبات الشهور: يجب أن يقبل من باب "قياس الأولى"، بمعنى أن السنة التي شرعت لنا الأخذ بوسيلة أدنى، لما يحيط بها من الشك والاحتمال -وهي الرؤية- لا ترفض وسيلة أعلى وأكمل وأوفى بتحقيق المقصود، والخروج بالأمة من الاختلاف الشديد في تحديد بداية صيامها وفطرها وأضحاها، إلى الوحدة المنشودة في شعائرها وعباداتها، المتصلة بأخص أمور دينها، وألصقها بحياتها وكيانها الروحي، وهي وسيلة الحساب القطعي.
إن الشريعة الإسلامية السمحة حين فرضت الصوم في شهر قمري ـ شرعت في إثباته الوسيلة الطبيعية الميسورة والمقدورة لجميع الأمة، والتي لا غموض فيها ولا تعقيد، والأمة في ذلك الوقت أميَّة لا تكتبُ ولا تحسب، وهذه الوسيلة هي رؤية الهلال بالأبصار. فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صوموا لرؤيته -أي الهلال- وأفطروا لرؤيته فإن أغبي عليكم فأكملوا عِدَّةَ شعبان ثلاثين" [1].
وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان فقال: "لا تصوموا حتى تروا الهلالَ، ولا تُفطروا حتى تروه، فإن غمَّ عليكم فاقدروا له" [2]، وكان هذا رحمةً بالأمة، إذ لم يكلفها الله العمل بالحساب، وهي لا تعرفه ولا تحسنه، فلو كلفت ذلك لقلدت فيه أمة أخرى من أهل الكتاب أو غيرهم ممن لا يدينون بدينها.
ثلاث طرق لإثبات دخول رمضان
وقد أثبتت الأحاديث الصحاح أن شهر رمضان يثبت دخوله بواحدة من ثلاث طرق:
1- رؤية الهلال.
2- أو إكمال عدة شعبان ثلاثين.
3- أو التقدير للهلال.
فأما الرؤية: فقد اختلف فيها الفقهاء: أهي رؤية واحد عدل، أم رؤية عدلين اثنين، أم رؤية جم غفير من الناس؟