إلى العابثين بالأعراض
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
إلى العابثين بالأعراض
تأليف
الأستاذ الدكتور/ عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار
ــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله فالق الحب والنوى، وبارئ النسمة، خلق لنا من أنفسنا أزواجاً لنسكن إليها، وجعل بيننا مودة ورحمة فقال عز من قائل: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } (1).
نحمده سبحانه ــ أباح لنا النكاح ــ وحرم علينا الفواحش وحذرنا من الزنا والسفاح. والصلاة والسلام على من بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً. وبعد:
فإن من الأمور التي حرص الإسلام على صيانتها والحفاظ عليها الأعراض التي هي أحد الضرورات الخمس(2). كيف لا؟
والعرض من أعز ما يملك الإنسان لاسيما المسلم، وقد كان العربُ وهم في جاهليتهم المظلمة أغير ما يغارون على نسائهم وأعراضهم.
العرض أعلى من كل شيء، هو أغلى من المال والجوهر النفيس:
أصون عرضي بمالي لا أدنسه *** لا بارك الله بعد العرض بالمال
أحتال للمال إن أودى فأجمعه *** ولست للعرض إن أودى بمحتال
فما قيمة المال إن ضاعت الأعراض والحرمات، بل ما قيمة الحياة إذا انتهكت الأعراض.
لقد جاءت امرأة إلى والد النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن عبد المطلب فراودته عن نفسه وفرضت له مالاً. فأبى الخنا والعار وقال وهو في جاهليته:
أما الحرام فالممات دونه *** والحل لا حل فأستبينه
يحمي الكريم عرضه ودينه *** فكيف بالأمر تبغينه(3)
ويقول عثمان بن عفان رضي الله عنه: (... فوالله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام...)(4)
كل ذلك يدل على أهمية العرض وصونه في الجاهلية وفي الإسلام من باب أولى.
كما يدل ذلك على قبح الفاحشة ودناءتها لدى أصحاب النفوس الأبية والفطر السوية التي تنفر من كل ما هو قبيح.