الاستخلاف
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
المقدمة
الحمد لله الذي أنزل لعباده الكتب وأرسل إليهم الرسل وشرع لهم الشرائع رحمة بهم وتفضلا عليهم وصدق ربنا جل وعلا { قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون } (1). وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله على حين فترة من الرسل صلى الله عليه وسلم تسليما كثيراً، وبعد:
فإن من القواعد العامة التي قررتها شريعتنا الإسلامية (أن التصرف على الرعية منوط بالمصلحة) بمعنى أن الإمام وكل من ولي أمرا من أمور المسلمين يجب أن يكون مبنيا ومقصودا به المصلحة العامة و إلا فليس بنافذ ولا صحيح شرعا.
فهذه قائدة عظيمة تضبط تصرفات كل من ولي شيئا من أمور عامة من إمام وأمير وقاض وموظف ومدرس وغيرهم ممن كلف بعمل من الأعمال فيها مصلحة عامة للمسلمين، وتفيد أيضا أن أعمال هؤلاء وأمثالهم لكي تكون ملزمة يجب أن تكون مبنية على مصلحة الجماعة وأن الولاة وعموم الموظفين ممن ذكرناهم آنفاًًًًًًًً وغيرهم ليسوا عمالا لأنفسهم إنما وكلاء على الأمة في القيام بشؤونها فعليهم أن يراعوا خير التدابير لصلاح الرعية.
ولما كانت الإمامة في الصلاة جزءا يندرج تحت هذه القائدة العظيمة كان ولا بد على كل إمام أن يراعي ما فيه مصلحة المأمومين مراعاة لحق الصلاة وحق من قام بها من أفرادها.
وإن مما لا شك فيه أنه قد يحصل لإمام من الأئمة في الصلاة أمور خارجية ليست بمحض اختياره وإرادته كأن يتذكر أنه على غير وضوء أو أن يحدث في أثنائها مما يوجب عليه الانصراف منها للوضوء، أو يصاب برعاف في صلاته أو مرض في أثنائها وغيرها من الأعذار التي تطرأ على الإمام ولذا شرع للإمام عند حصول ذلك أن يستخلف من يكمل بالمأمومين صلاتهم.
ولما كان الاستخلاف في الصلاة منزلته عظيمة جعلت هذه الرسالة لبيان هذا الحكم وقد وضعتها على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول:
__________
(1) يونس الآية (58)