سر تأخر العرب والمسلمين
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
بسم الله الرحمن الرحيم فى فرص الفراغ بين الدروس والمحاضرات والإفتاء- وما أقلها- استطعت أن أكتب فصول هذا الكتاب الوجيز! وقد كان لى سابق عهد بخوض موضوعه. والتعرض لقضاياه، إلا أننى هنا كنت أكثر صراحة وأكثر تحديدا. ولاتزيدنى الأيام إلا ثقة فى الخطة التى انتهجتها لخدمة الإسلام وتبليغ رسالته ورد العدوان عن حقائقه النقية. فى أول عهدى بالعمل فى الجزائر وافتتاح جامعتها الإسلامية أحسست أن متاعب الدعوة الإسلامية التى الفتها تتكرر فى المغرب الإسلامى والمشرق الإسلامى على سواء! فأزمة الدعاة الواعين شديدة، وأهل الذكر الجامعون بين القراءة والفقه قلة نادرة، والاستعمار الثقافى والاجتماعى والسياسى يعمل حثيثا على بلوغ أهدافه فى أرض تكاد تكون خلاء من الحراس بل إن الحراس أحيانا يسيئون إلى أنفسهم وأهليهم وأرضهم لأنهم يدركون الأمور على غير وجهها، أو تتملكهم العاطفة التى جعلت الدبة تقتل صاحبها! من أجل ذلك كتبت فصول هذا الكتاب على عجل، ومع أنى نشرت طبعته الأولى فى القاهرة إلا أننى رحبت بإعادة طبعه فى الجزائر، والحق أنها به أولى، لأن المشاعر التى ملكتنى وليدة معاناة لأحوال أمة أنهضها الإسلام من كبوتها، ونصرها على أخبث استعمار فى الأرض، فلما هزمته فى ميدان القتال استدار يحاول ختلها فى ميدان البناء، وصنع المستقبل! وهيهات فالشعب المسلم كان بفطرته يتحسس طريقه إلى مستقبله ! وكان بعقيدته يقصى سماسرة الإلحاد والانحراف الذين يريدون غشه والعبث بمستقبله.. ولكن حاجة الشعوب الإسلامية كلها- لا الشعب الجزائرى وحده- هى إلى دعاة يعرفون الإسلام معرفة صالحة، ويفرقون بين تعاليمه السماوية وما التبس بها من أهواء العامة وشهوات المتسلطين على اختلاف القرون. ولعل ما أجملته هنا أكون قد فصلته فى مواطن أخرى، والله من وراء القصد. محمد الغزالى قسنطينة- الجزائر 1986
ص _004