دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
مقدمة هذا كتاب يتعرض لحاضر المسلمين ومستقبلهم، ويشارك فى إنعاشهم من الغيبوبة الطويلة التى ألمت بهم! إنها إغماءة مقلقة حقا، ظنها أعداء الإسلام بوادر موت، ولكننا خبراء بأمتنا وتاريخها وكبواتها ونهضاتها، ومن أجل ذلك قررنا اعتراض العلل المؤذية ومتابعة جراثيمها هنا وهناك حتى تعود العافية ونستأنف نشاطنا العتيد.. ملهم هذا الكتاب وصاحب موضوعه الأستاذ الإمام حسن البنا، الذى أصفه ويصفه معى كثيرون بأنه مجدد القرن الرابع عشر للهجرة.. فقد وضع جملة مبادئ تجمع الشمل المتفرق، وتوضح الهدف الغائم، وتعود بالمسلمين إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم، وتتناول ما عراهم خلال الماضى من أسباب العوج والاسترخاء بيد آسية، وعين لماحة، فلا تدع سببا لضعف أو خمول.. وعملى كان تأصيل هذه المبادئ وشرحها على ضوء تجاربى المستفادة خلال أربعين عاما فى ميدان الدعوة، قضيت بعضها مع الإمام الشهيد، وبعضها مع الرجال الذين رباهم، وبعضا آخر مع مؤمنين أحبوا دينهم، وجاهدوا فى سبيله، وقاوموا ببأس شديد جميع القوى التى أغارت عليه وحاولت إطفاء نوره، وتنكيس رايته.. إن الظروف التى بدأ فيها حسن البنا دعوته ما تزال قائمة مع خلاف طفيف حينا وكثيف حينا آخر. وهذه الظروف تنشأ من منبعين رئيسين: الاستعمار العالمى الذى اكتسح بتفوقه المدنى والعسكرى كل شبر من أرض الإسلام، وحاول أن يغير معالمها جملة وتفصيلا لمصالحه الخاصة.. والمنبع الآخر ـ وهو الأخطر والأخبث يجئ من الأدواء التى استشرت فى الكيان الإسلامى نفسه، نتيجة فساد عام فى أحواله المادية والأدبية، العلمية والعملية، الفردية والاجتماعية، التربوية والسياسية.. والواقع أن الاستعمار العالمى انحدر إلى أقطار فقدت القدرة على الحياة الصحيحة،
ص _006