حقوق الإنسان
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
مقدمة الحديث عن الأسلاف يكون لغوا لا معنى له يوم يجرى على ألسنة العاطلين اعتذارا عن تقصيرهم أو افتخارا بأصولهم . ونحن نكره الحديث عن المسلمين الأوائل إذا صحبته هذه النية أو قارنه هذا التفريط.. لكن هذا الحديث يصبح واجبا يوم يكون لهؤلاء الأسلاف دين مجحود وحق مهدر. ويوم يكون الذين انتفعوا بهم مصابين بداء الغمط والنسيان أو مصابين بداء الحقد والنكران . يومئذ لا يبقى بد من التنويه بالجميل القديم ، واليد السابقة . وقد كانت أوروبا فى ظلام دامس يوم كان العرب ينتقلون بين أقطار الأرض انتقال الشروق من أفق إلى أفق ، ويحملون معهم يقظة الأفكار والأفئدة وشرف السيرة والخلق فلو لم يجيء العرب برسالتهم هذه ما كان أمام الغرب إلا أحد مصيرين . إما أن يتلاشى مع الجهالات والضغائن التى خالطت شئونه ظاهرا وباطنا ، وذلك هو الأرجح هاما أن يتأخر صحوه إلى القرن السادس والعشرين أو السادس والثلاثين للميلاد بدل أن تهز كيانه حركة الإحياء خلال القرن السادس عشر . غير أن المبادىء النفسية والعقلية التى صحبت الحضارة الإسلامية ورشحت من دار الإسلام على ما جاورها من أقطار ، عجلت- ونستطيع أن نقول خلقت- اليقظة الأوروبية الأخيرة وأمدتها بأسباب النماء . وسيقول المتعصبون العميان : لا وسنظل نؤكد الحقيقة التى لا تخفى على دارس منصف .. قد ينكر اليابانيون أنهم استفادوا شيئا من مدنية الغرب ، وقد يزعمون أنهم ورثوا العلم عن آبائهم الأولين . ولكن الحقيقة الكبيرة لا تنطمس مع هذه المزاعم . وقد ينكر الأوروبيون أنهم استفادوا شيئا من حضارة الإسلام . وقد يزعمون أنهم بنوا مدنيتهم على مواريثهم الدينية والفلسفية . بيد أن هذا العقوق السافر لا نلقاه إلا بالزراية على تزوير التاريخ والاستغراب لضياع المعروف ****
ص _006