أحاديث الفتن والحوادث
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
أحاديث الفتن والحوادث
مقدمة الشارح (الجزء الثاني)
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فنواصل مستعينين بالله ما بدأناه معكم في العام الماضي -والحمد لله- من التعليق على كتاب الفتن للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-.
تقدم في مقدمات الكلام أن الفتن جمع فتنة، والفتنة أصلها الاختبار. يقال: فتنت الذهب إذا اختبرته بتمييزه، ويطلق على الابتلاء عموما كما قال -سبحانه وتعالى-: { وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً } (¬1) ويقول سبحانه وتعالى: { أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) } (¬2) .
وجاء معنى الفتنة في القرآن لمعان. اسم الفتنة جاء لمعان في القرآن، جاء بمعنى الابتلاء كما في هذه الآيات، وبمعنى الشرك { وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ } (¬3) وقال تعالى: { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ } (¬4) وعلى الصد عن سبيل الله وتعذيب المؤمنين { إِن الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا } (¬5) وعلى العذاب بالنار { ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (14) } (¬6) .
وتطلق الفتنة على الابتلاء، على العذاب، وعلى أسباب العذاب التي أعظمها الشرك. تطلق الفتنة -كما سيأتي- على ما يصد عن دين الله، ما يسمى بفتن الشهوات وفتن الشبهات. والحرب والقتال الذي لا يعلم وجهه الحرب الملتبسة فتنة؛ تختلط فيها الأمور، تعظم فيها الشبهة، ويحصل فيها عذاب على قوم. فالحرب التي لا يعلم وجه الحق فيها، ولا يتميز المحق من المبطل، أو يكون كل من الأطراف مبطلا.
¬__________
(¬1) - سورة الأنبياء آية : 35.
(¬2) - سورة العنكبوت آية : 2.
(¬3) - سورة البقرة آية : 217.
(¬4) - سورة البقرة آية : 193.
(¬5) - سورة البروج آية : 10.
(¬6) - سورة الذاريات آية : 14.