شرح جزء من كتاب الطهارة من سنن النسائي للشيخ العباد

مدة قراءة الصفحة : دقيقة واحدة .
الشيخ العلامة عبد المحسن العباد حفظه الله تعالى قام بهذا التفريغ ( ( أبو تقي الدين ناصر الدين الجزائري كتاب الطهارة (1) باب تأويل قوله عز وجل {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى أَلْمَرَافِقِ) 1- أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ (1)

(1) - يوم السبت الموافق 10/صفر/1413 هـ ، والدرس بعد صلاة المغرب: الشيخ حفظه الله: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأجمعين.
أما بعد: فهذا هو أول كتاب النسائي أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب رحمة الله عليه.
كتاب الطهارة ، وفي بعض النسخ ليس فيه ذكر كتاب الطهارة.
وإنما البدء بالترجمة وهي: (باب تأويل قوله عز وجل: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى أَلْمَرَافِقِ) الآية.
فعلى ذكر الكتاب ، هذه تُعتبر ترجمة عامة في أول الكتاب المقصود منها أنه عند الوضوء لا يغمس الإنسان يده في الماء مباشرة ، وإنما يغسلها خارج الإناء ، ثم بعد ذلك يُدخل يده في الإناء.
وعلى أن كتاب الترجمة غير موجود ، ذُكرت هذه الترجمة العامة التي هي بمثابة كتاب الطهارة ، وأورد تحتها حديث واحد ، هو يتعلق بما يُستحب ، وما ينبغي أن يكون بين يدي الوضوء ، إما استحباب مطلق ، كما إذا كان الإنسان قام من .
.
.
.
وأراد أن يتوضأ ولم يقم من نوم.
أو أنه واجب أو مستحب إذا كان قائماً من النوم ، كما جاء في هذا الحديث.
لأن الحديث مقيد بالقيام من النوم.
فتكون هذه الترجمة ترجمة عامة ، المقصود منها هي بمثابة الوضوء أو كتاب الوضوء أو كتاب الطهارة.
وأورد تحت الترجمة حديث واحد يتعلق بما يكون قبل البداية بالوضوء ، بما يكون قبل البداية بالوضوء ، وهو غسل اليدين خارج الإناء قبل أن يغمس يده في الإناء الذي فيه ماء الوضوء.
والإسناد يقول فيه النسائي (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ) وقتيبة بن سعيد هذا أحد شيوخه الذين أكثر عنهم ، وهو أيضاً شيخ لأصحاب الكتب الستة ، أصحاب الكتب الآخرين.
فقد رووا عنه جميعاً ، وكانت وفاته سنـ240ــة يعني أنه وفاته قبل وفاة الإمام أحمد سنة واحدة.
لأن الإمام أحمد سنـ241ـة، وهو سنـ240ــة.
فهو من الشيوخ الذين روى عنه أصحاب الكتب الستة.
فهو شيخ للبخاري ومسلم وأبي داود والنسائي وابن ماجه شيخٌ لهم جميعاً.
ومن المعلوم أن رواية النسائي عنه ، يُعتبر من كبار شيوخ النسائي ، لأن النسائي وُلد سنـ215ـــة ، وشيخه هذا توفي سنـ240ــة ، وعاش بعده النسائي سنـ63ـة ، لأنه توفي سنـ303ـة ، يعني أنه عاش النسائي بعد وفاة شيخه قتيبة ثلاثاً وستين سنة.
ومن هذا يكون العلو في الأسانيد ، يعني كون الشخص يطول عمره ، ويروي في أول حياته عن شخص ، يعني أدركه في آخر حياته ، وعُمِّر بعده طويلاً ، فمن هنا يأتي العلو في الأسانيد.
يأتي العلو في الأسانيد من هذه الناحية ، من ناحية أن التلميذ يروي عن الشيخ في آخر حياته ، ويُعمَّر ويطول عمر ذلك التلميذ فيعيش كثيراً ، كالذي حصل للنسائي فإنه عاش سنـ63ـــة بعد وفاة شيخه قتيبة بن سعيد.
وقتيبة هذا قيل: إنه لقب ، وأن اسمه غير ذلك.
قيل: يحيى ، وقيل: غير ذلك.
ولكنه مشهور بهذا اللقب ، أو بهذا الاسم على القول بأنه اسم.
هو من أسماء الأفراد ، لأنه لم يكثُر ، أو لم يسمى بهذا الاسم أناس ، بل أنه لا يوجد في رجال الكتب الستة من يقال له قتيبة سواه.
هو الوحيد الذي سمي بهذا الاسم في رجال أصحاب الكتب الستة ، فهو من الأسماء القليلة يعني في التسمية يعني في الرجال.
ولهذا كما قلت : ليس هناك أحد يشابهه في هذا من رجال أصحاب الكتب الستة.
وهو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريق بن عبد الله الثقفي البغلاني ، يعني اسمه واسم أبيه واسم جده على صيغة واحدة كلها على وزن فعيل.
قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريق ، فاسم أبيه وجده وجد أبيه هي على وزن واحد.
قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريق بن عبد الله الثقفي يعني هذه نسبة إلى قبيلة ، البغلاني نسبة إلى قرية ، لأنها من قرى بلغ من بلاد خراسان.
فبغلان هذه التي يُنسب إليها قتيبة هي تابعة لمدينة بلغ المشهورة في بلاد الخراسان.
وهو من الثقات الأثبات ، ولهذا قال عنه الحافظ في ((التقريب)) ((ثقة ثبت)) ، وقد أكثر عنه النسائي ، وروى عنه غيره من أصحاب الكتب الستة كما ذكرتُ ذلك.
وشيخه سفيان بن عيينه هذا كان أولاً كوفياً ثم صار مكياً.
ولهذا يقال في نسبته الكوفي ثم المكي ، يعني معناه أن أول الأمر كان بالكوفة ثم تحول منها إلى مكة ، فيقال له الكوفي ثم المكي.
وكلمة (ثم) يؤتى بها بين البلدان عند النسبة ، إذا كان في أول الأمر في بلد ثم تحول إلى بلد آخر ، فيؤتى بالنسبتين مفصول بينهما بـ (ثم) ومنه يُعرف النسبة المتقدمة والمتأخرة.
لأن كلمة (ثم) تفيد التركيب مع التراخي لأن معناه أن الثاني عقب الأول ، وأنه ليس ممكن أن يكون (الواو) لا تقبل التركيب لأنه قد يذكر المتقدم قبل المتأخر أو المتأخر قبل المتقدم.
لكن إذا جاءت (ثم) معناه أن المتأخر الذي بعد (ثم) متأخر عن الذي قبلها.
فإذا قيل: الكوفي ثم المكي يعني معناه أنه كان أولاً من أهل الكوفة ، ثم كان بعد ذلك من أهل مكة ، ونسبته الأخيرة إلى مكة.
ولهذا الإمام البخاري رحمة الله عليه لمَّا روى في 0صحيحه) روى عن أهل مكة أول حديث فيه عن عبد الله بن الزبير الحميدي المكي عن سفيان بن عيينة المكي.
فروى أولاً عنه في مكة ، أو أول الرجال الذين روى عنهم في كتابه من أهل مكة.
فسفيان بن عيينة هذا في آخر أمره من أهل مكة.
والطريقة التي كانوا يُعولون عليها في النسبة ، إذا تحول الإنسان من بلد إلى بلد: قال النووي في كتابه ((تهذيب الأسماء واللغات): ((إن للإنسان إذا مكث في بلد أربع سنوات صح أن ينسب إليها)).
إذا مكث في بلد أربع سنوات صحت نسبته إليها.
وأن هذا مما يعتبرونه عند ملاحظة النسبة ، إذا كانت أربع سنوات فأكثر.
وسفيان بن عيينة رحمة الله عليه كان عاش بالكوفة ثم تحول إلى مكة وصار من أهل مكة.
ولهذا يقال عنه الكوفي ثم المكي ، وهو من الحفاظ وصفه الحافظ ابن حجر في كتاب (التقريب) فقال: ((ثقة حافظ إمام حجة)).
فيه وصف آخر: ((ثقة حافظ فقيه إمام حجة)) خمس صفات.
وصفه بأنه ثقة ، وأنه حافظ ، وأنه فقيه ، وأنه إمام ، وأنه حجة.
هذه هي الصفات التي وصفه بها الحافظ ابن حجر ، ويوافقه وهو هنا جاء غير منسوب ، أي حدثنا سفيان ، ولكن هو يروي عن الزهري ، وهو معروف بالرواية عن الزهري.
ولهذا إذا أُطلق غير منسوب يراد به سفيان بن عيينة لكثرة روايته عنه.
وسفيان الثوري روى عن الزهري ، وهو أقدم منه ، لأنه مات قبله بفترة.
ولكن الذي عُرف بالرواية عنه أكثر من الرواية عنه هو سفيان بن عيينة.
ولهذا من الطرق عند المحدثين أنه إذا ذُكر شخص منسوب وكان محتملاً لعدة أشخاص كيف يعين؟ يعين بشيخه إذا كان مكثراً عنه.
يُحمل على من كان مكثراً عن الشيخ.
فمثلاً: سفيان بن عيينة يعني جاء هنا (سفيان) غير منسوب ما فيه لا بن عيينة ولا الثوري وكل منهم من تلاميذ الزهري.
لكن أيهما يُعرف بأنه هو الذي في الإسناد؟ ذلك بمعرفة من كان أكثر الرواية ، وأكثرهم ملازمة.
ولما كان سفيان بن عيينة أكثر ملازمة للزهري ، وأكثر رواية عنه فإنه يُحمل على أنه ابن عيينة وليس الثوري.
وإن كان الثوري من تلاميذ الزهري.
لكن كما هو معلوم إذا كان الشخص المهمل يدور بين شخصين ، وكل منهما ثقة حتى ولو لم يُعرف أيهما فإنه لا.
.
.
.
.
(غير مفهومة) لأن كيف ما دار دار على ثقة ، وإنما المحذور لو كان الواحد ثقة وواحد ضعيف ، وكان الأمر ملتبساً عند ذلك قد يكون هو الضعيف فلا يُعوَّل عليه.
ولكن إذا كان كل منهما ثقة ، فسواء أكان هذا أو هذا الإسناد يُعتبر صحيحاً ، وكونه مهملاً من النسبة لا يؤثر ذلك.
لكم من الطرق المعروفة عند المحدثين هذه الطريقة والتي أشرت إليها ، وهي كون الراوي وهي كون أحد الراويين معروف بالأخذ عن ذل الشيخ أكثر.
فإذا جاء مهملاً حُمل عليه ، وصار هو المراد هو المعني عند الإهمال إهمال النسبة.
ثم إنَّ يعني أسانيد سفيان بن عيينة عن الزهري عالية جداً.
لأن سفيان بن عيينة توفي سنـ198هـ ــة ، والزهري توفي سنـ 125هـ ـة أو سنـ124هـ ـة ، يعني بين وفاتيهما مدة طويلة وهكذا يكون العلو.
الزهري توفي 124 و 125 ، وسفيان بن عيينة أكثر الرواية عن الزهري ، وعاش بعده مدة طويلة حيث كانت وفاته سنـ198هـ ـة.
فمن هنا يحصل العلو في الأسانيد ، لأن سفيان مكثر الرواية عن الزهري وهو من صغار التابعين.
الزهري يُعتبر من صغار التابعين ، من طبقة الأعمش ، وطبقة يحيى بن سعيد الأنصاري هؤلاء يُعتبرون من صغار التابعين.
ومع ذلك هذا الذي توفي سنـ198هـ ـة أكثر من الرواية عن هذا الذي توفي سنـ125هـ ـة.
وابن عيينة موصوف بالتدليس قليلاً ، ولهذا قال الحافظ: ((ربما دلس)).
لكن المعروف من طريقته أنه لا يدلس إلا عن ثقة الذي هو سفيان بن عيينة.
أما الزهري فهو محمد بن مسلم بن عُبَيْد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كِلاب.
يعني يلتقي مع الرسول صلى الله عليه وسلم في جده كِلاب ، لأن الرسول نسبه قفي بن كِلاب.
محمد بن عبد الله بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف بن قفي بن كلاب.
فهو الزهري يُنسب إلى جده زُهرة ، الذي هو ابن كلاب ، والذي هو أخ قفي.
فهو مشهور بهذه النسبة ، يعني نسبة لجده الأعلى ، الذي يعني جده يَحْصُلُ يعني عنده التقاء بجد الرسول صلى الله عليه وسلم كلاب الذي هو أخ قفي ابنه زهرة.
وكان ينسب إلى جده ليقال له الزهري.
وقد اشتهر بهذه النسبة ، كما أنه اشتهر بنسبته لأحد أجداده وهو شهاب ن فيقال ابن شهاب ، ويقال الزهري ، هذا هو الذي اشتهر به.
إما ابن شهاب ، وإما الزهري.
إما ابن شهاب نسبة إلى جده ، الذي هو جد أبيه لأنه محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب ، فهو منسوب إلى أحد أجداده.
والزهري هذا هو الذي قيل أول من بدأ ، أول من جمع السنة بأمر من الخليفة عمر بن عبد العزيز ، وهو الذي قال فيه السيوطي في ((ألفيته)): أول جامع الحديث والأثر***شهاب آمرًا له عمر وعمر رحمة الله عليه .
.
.
.
في عمر واحد والزهري عاش بعده سنـ23ـة أو سنـ24ـة ، لأنه توفي كما ذكرت 124 أو 125.
وأما الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه فكانت وفاته سنـ101ـة من الهجرة.
وهو الذي يقال أنه أول من بدأ ، ومن المعلوم أنه أول من بدأها بطريقة رسمية ، يعني بتكليف من الوالي بتكليف من ولي الأمر.
أما كون الحديث يُدوَّن يعني فالصحابة كان منهم من يُدون كعبيد الله بن عمرو بن العاص فإنه كان يكتب ، وأبو هريرة يقول: ما أعلم أحداً أكثر مني حديثاً إلا ما كان من عبد الله بن عمر فإنه يكتب ولا أكتب.
فإنهم كانوا يُدونون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولكن أول من قام بجمعها بتكليف من الخليفة وهو الوالي بعدما خيف اندثارها وذهابها بذهاب أهلها ، بذهاب حملتها ونقلتها ، أمر عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه بجمع السنة وتدوينها وكتابتها حتى لا تموت بموت أهلها ، وحتى لا تذهب بموت أهلها.
وهذا الرجل الذي هو الزهري يعني من الحفاظ الأثبات المتقنين ومن المعروفين بالجد والاجتهاد في تحصيل الحديث.
ولهذا ذكروا في ترجمته أنه كان يعكف على كتبه ويشتغل بها كثيراًُ ، وكانت زوجته تقول: والله لهذه الكتب أشد علي من ثلاث ضرائر.
لكثرة انشغاله بها واعتنائه بالحديث وتبيين الحديث.
وعكوفه على ذلك كانت زوجته تقول هذا كما ذكروا ذلك في ترجمته ، وهو إمام مشهور من صغار التابعين.
هو يُعتبر من طبقة صغار التابعين.
ويروي الزهري (عن أبي سلمة) وأبو سلمة: هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو من التابعين.
وقيل: إن اسمه كنيته ، يعني اسمه أبو سلمة ككنيته.
وقيل: إنه كنيته ، وله اسم آخر غير هذا.
لكنه مشهور بهذا سواء كان اسماً أو كنية ، سواء قيل إنه اسم ، أو قيل: إنه كنية.
فهو إنما اشتهر بهذا اللفظ الذي هو أبو سلمة سواء قيل له اسم ، أو قيل له كنية.
وهو أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال ، لأن الفقهاء السبعة الذين كانوا بالمدينة.
كان في المدينة في زمن التابعين ، وكلهم في عصر واحد ، وانتشر عنهم العلم ، واستفاد عنهم طلبة العلم ، ووفاتهم في حدود المائة إما قبلها وإما بُعَيدها ، إما قُبيْلها وإما بُعَيْدها.
اشتهر في المدينة سبعة فقهاء محدثون يرجع إليهم في الفقه والحديث.
وستة منهم لا خلاف في عدهم من الفقهاء السبعة ، وثلاثة اختلف في عدهم.
وأبو سلمة هو من الفقهاء على أحد الأقوال ، ليس متفقاً على عده من الفقهاء السبعة.
وإنما الذين اتفق على عدهم من الفقهاء السبعة ، هم كما ذكرهم ابن القيم في أول (إعلام الموقعين) في بيتين من الشعر: إذا قيل من في العلم سبعة أبحر***روايتهم ليست عن العلم خارجة فقل هم عُبَيد الله عروة قاسم***سعيد أبو بكر سليمان خارجة.
فعُبَيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عروة بن الزبير بن العوام القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق سعيد بن المسيب سليمان بن يسار خارجة بن زيد بن ثابت هؤلاء الستة ن والسابع مختلف فيه.
ابن القيم ذكر أبو بكر سابع الفقهاء السبعة على أحد الأقوال.
أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وهو الذي قال عنه: عبيد الله عروة قاسم سعيد أبو بكر سليمان خارجة.
أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هاشم هذا هو السابع.
والقول الثاني يقول: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الذي معناه في الإسناد ، فهو أحد الفقهاء السبعة على قولٍ ليس متفق عليه.
والقول الثالث: سالم بن عبد الله بن عمر.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
ومن المعلوم أن أبا هريرة أسلم عام خيبر في السنة السابعة ، ولكنه لازم النبي صلى الله عليه وسلم وطالت حياته ، والتقى بالصحابة ، وكان في المدينة مقيماً ، والناس يأتون المدينة ، فكان يأخذ عن الصحبة ، ويأخذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد لازمه ومن المعلوم أن مراسيل الصحابي من المرفوع.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
وهم يُعتبرون من أكثر الصحابة حديثاً والمكثرون في الرواية الأثر**أبو هريرة يليه ابن عمر وأنس والبحر كالخدري** وجابر وزوجة النبي عائشة البحر يعني ابن عباس ، البحر أو الحبر لأنه يقال له البحر ، ويقال له الحبر ، وجابر وزوجة النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها ، ورضي الله تعالى عن الصحابة أجمعين.
فهؤلاء هم الذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحُفظ من الحديث أكثر مما حُفِظ عن غيرهم من الصحابة رضي الله تعالى عن الجميع.
فهؤلاء رجال هذا الإسناد: قتيبة بن سعيد ، سفيان بن عيينة ، الزهري ، أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، أبو هريرة رضي الله تعالى عنه وعن الصحابة أجمعين.
وفي أول الإسناد يقول النسائي (أخبرنا) ، وقد عرفنا أن هذه الطريقة هي التي يستعملها أبو عبد الرحمن النسائي في كتابه ، وهي (أخبرنا) ، وذكرت في الدرس الفائت أن العلماء منهم من لا يفرق بين (حدثنا) و(أخبرنا) ويستعمل الصيغتين في السماع وفي العرض الذي هو القراءة على الشيخ ، وهذا هو صنيع النسائي.
ومنهم من يفرق بينهما فيستعمل (حدثنا) فيما سُمع من الشيخ ، و(أخبرنا) فيما قرء على الشيخ والتلميذ يسمع ، فيُعتبر فيما سُمع من الشيخ بـ(حدثنا) ، ويُعتبر بما قُرء على الشيخ ويسمع بـ(أخبرنا).
ثم إن هذه الترجمة للنسائي يُشبِه البخاري في كثرة التراجم ، وكثرة إيراد الحديث على تراجم مختلفة متعددة ليستدل به على الترجمة.
ففيه شَبَهٌ من البخاري في كثرة التراجم.
ولكن النسائي قليلاً ما يستعمل كلمة (باب) ، وإنما يأتي بذكر الترجمة بدون (باب) ، وأحياناً يأتي بـ (الباب) ، لكن أكثر استعماله ذكر الترجمة بدون (باب) ، فيقول: (تأويل قول الله عز وجل) وغير ذلك يعني بدون كلمة باب ، وأحياناً يأتي بكلمة باب ، ولا بدون ذكر باب.
ولكن كثرة هذه التراجم وإيراد الحديث بطرق متعددة ليستدل به على موضوعات مختلفة يُعبر عنها بتلك التراجم.
فيه شَبَهٌ من الإمام البخاري ، وطريقته تُشبه طريقة البخاري رحمة الله تعالى على الجميع.
والحديث يقول فيه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: " إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ" هذا هو الحديث الذي أورده تحت هذه الترجمة.
وقد ذكرتُ في أول الدرس أن النسائي يعني في بعض النسخ ليس في ذكر (كتاب) ، وإنما فيه هذه الترجمة التي هي تُشبه الكتاب لأنه قال: ((تأويل قوله عز وجل: "إذا قمتم إلى الصلاة" ، فهي ترجمة عامة ، يدخل تحتها الطهارة ، يدخل تحتها الوضوء وما يتبع الوضوء من سنن ، فهي على بعض النسخ التي ليس فيه ذكر الكتاب هي بمثابة الكتاب.
والحديث الذي أورده تحتها هو مما يدخل ، أو مما يحصل عند الوضوء ، وكذلك غير الوضوء.
لأن المقصود إذا قام الإنسان من نومه لا يغمس يده في الإناء ، لا إذا كانت يتوضأ ، ولا إذا كان يريد أن لا يتوضأ ، يعني لا يغمس يده في الإناء إذا قام من النوم حتى يغسلها ثلاثاً إذا استيقظ (إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ) في بعض الروايات (في الإناء) يعني الإناء الذي يتوضأ له.
الإناء المشتمل على ماء الوضوء.
ومن المعلوم أن (الوَضوء) بفتح الواو لها معنى غير معنى (الوُضوء) بضم الواو.
وهناك صيغ أخرى تُشبه هذه الصيغة.
فإن ما كان لفتح الواو يراد به الماء الذي يُراد أن يتوضأ منه.
ماء الوضوء يقال له: (وَضوء).
وفعل الوضوء يقال له (وُضوء).
كون الإنسان يأخذ ويتوضأ ويغسل ، هذه العملية يقل لها (وُضوء) بضم الواو.
وأما نفس الماء الذي خُصِّصَ للوضوء يقال له: (وَضوء) دعا بوَضوء يعني دعا بماء يتوضأ به.
(ثم توضأ) في حديث عثمان وقال: (من توضأ نحو وُضوئي هذا) (وُضوئي) يعني المقصود به العمل والفعل.
فإذاً (وَضوء) بفتح الواو يراد بها الماء الذي يُتوضأ به.
و(الوُضوء) بالضم يراد به الفعل ، فعل الوُضوء.
ولهذا أشياء تُماثل ، يعني لهذا اللفظ أشياء تُماثله مثل السَّحور ، والسُّحور.
السَّحور والسُّحور ، فإن السَّحور اسم الطعام الذي يؤكل في السَّحر لمن يريد أن يصوم.
والسُّحور هو الأكل حصول الأكل ، كون الإنسان يأكل يتسحَّر هذا السُّحور.
والطعام الذي يؤكل يقال له السَّحُور.
وكذلك الطَّهور والطُّهور ، يعني مثل الوَضوء والوُضوء ، بفتح الطاء ما يُتطهر به ، وبضمها فعل التطهر.
(الطُّهور شطر الإيمان ، والحمد لله تملأ الميزان) ، الطُّهور يعني هو الوُضوء.
وكذلك أيضاً السَّعوط والسُّعوط لما يسعط في الأنف.
الأشياء التي تَسعط تقص و.
.
.
.
.
الذي هو الفعل يقال السُّعوط.
وكذلك الوَجور والوُجور ، الوَجور هو الذي يوضع في الفم يقال له وَجور ، والفعل يقال له وُجور.
فهذه كلمات متشابهة متماثلة ، يعني تأتي على صيغتين بالفتح والضم.
فما كان منها بالفتح فهو اسم للشيء الذي يُستعمل.
وما كان بالضم فهو اسم للاستعمال.
( إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا) يعني أنه يغسلها خارج الإناء ، يُفرغ من الإناء على يديه فيغسلهما ثلاثا ، ثم بعد ذلك يغمس يديه في الإناء بعد أن يغسلهما ثلاثاً.
بعد أن يغسلهما ثلاثاً عند ذلك ، عندما يأخذ لغسل وجهه وغسل يديه وغسل رجليه يغمس يده.
لأن المطلوب أن يفعل ذلك قبل أن يبدأ ، وقد علل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ).
وهذا التعليل يعني احتمال النجاسة ، يعني احتمال أن يكون حصل لها نجاسة.
والنجاسة غير متحققة ، لكن هذا من الاحتياط.
ولهذا اختلف العلماء في هذا الحكم ، هل هو للوجوب أو للاستحباب؟ يعني كونها تُغسل خارج الإناء وجوباً أو استحباباً؟ من العلماء من قال: مستحب ، وأن هذا من باب الآداب والاحتياط.
ومنهم من قال: للوجوب ، وأن من فعل ذلك يؤثم ، هذا معنى كونه واجب.
أما كونه إذا كان مستحباً ، فإن لم يفعل ذلك فإنه لا يؤثم ، ولكنه يكون خالف الأولى ، ولم يُحسن الأدب الذي ينبغي أن يستعمله الإنسان ، وهو الذي أرسل إليه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، والأحوط والأظهر أن الإنسان لا يُقدم على غمس يديه في الإناء عندما يقوم من النوم إلا وقد غسلهما خارج الإناء ، وأنه يَأثم لو لم يعني يفعل ذلك.
لأن فيه مخالفة ، لكن لا يقال أن الماء يتنجس ، لأنه ما عُلِم أن النجاسة ، ما عُلِم تحقق النجاسة في اليد ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدري أين باتت يده).
وقيل في تعليل توجيه هذا أن أهل الحجاز و بلادهم حارة كانوا يستجمرون بالحجارة ، ومن المعلوم أن الحجارة قد يتجاوز النجاسة موضع الخروج ، وقد لا تتعد موضع الخروج ، لأن النجاسة إذا ما تعدت موضع الخروج كفى الاستنجاء.
أما إن خرج وتجاوزه إلى مكان آخر من الجسد غير موضع الخروج ، فهذا يحتاج إلى غسل ، يحتاج إلى استنجاء بالماء.
فكانوا يستجمرون بالحجارة ، ومن المعلوم أن قد يتجاوز الخارج موضع العادة ، فإذا استجمر الإنسان ونام وأصابه عرق ، فإنه قد يلمس موضع الذي قد أصابته النجاسة ، فتعلق النجاسة بيده بسبب العرق الذي حصل.
قيل: أن هذا هو التوجيه وأن هذا فيه احتمال النجاسة ، يعني إذا نام.
أما إذا كان الإنسان مستيقظاً ، فإنه يتصرف في يده ويعرف أين تذهب.
وإذا كان في يده عرق ، ولمس يعني مكان الخروج أو الأشياء التي حول أماكن الخروج وقد تجاوزها تجاوزه النجاسة وصلت إلى مكان إذا لمسه ويده مبللة بالعرق يعني علق به شيء من النجاسة الإنسان يدري.
ولكن الإنسان إذا كان نائما لا يدري ، بخلاف المستيقظ فإنه يدري ، فيحتاج أنه يغسل ، لأنه يعرف بأنه مس الشيء الذي هو مظنة النجاسة.
أما إذا كان نائماً فإنه لا يدري.
قد تكون يده ذهبت إلى ذلك المكان الذي به النجاسة ، أو قد تكون به النجاسة ، وقد لا تذهب.
ولكن ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده).
ومن العلماء من يقول: إن هذا الحكم مقيد بنوم الليل ، ولهذا جاء التعبير بالبيات (فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده) ومنهم من يقول:إنه لا يتقيد بنوم الليل بل يبقى على إطلاقه ، وكلمة (بات) قد تستعمل لغير المبيت بالليل.
بات فلان يعمل كذا وكذا ، قد يستعمل في النهار.
وقال (بات) إذا كان مكثراً منه أو مشتغلاً به.
فمنهم من قال هو خاص بنوم الليل.
ومنهم من يقول إنه عام في النوم ، لأن التعليل لا يخص نوم الليل.
بل الإنسان إذا نام بالليل والنهار لا يدري أين باتت يده ، لا يدري أين ذهبت يده ، فلا يكون خاصاً ذلك بنوم الليل ، بل يشمل نوم الليل ونوم النهار.
( إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ) وكما قلت: أن الإنسان يأثم ، والطهارة تصح ، والماء لا يقال أنه تنجس لأن النجاسة ما تحققت ، ولكن القول الأولى والذي هو الاحتياط ، هو كون الإنسان لا يُقدم على غمسها في الإناء إذا كان قائماً من النوم إلا بعد أن يغسلها ثلاثاً كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
أحد الحاضرين: من الناس من يتكلمون في مرويات أبي هريرة لتأخره في الإسلام.
.
.
.
الشيخ حفظه الله تعالى: ما يتكلم فيها ، ما يتكلم في مرويات أبي هريرة لتأخرها ، لكونه تأخر إسلامه ، إلا أهل البدع ، أو أهل الهوى ، هؤلاء هم الذين ، إلا فإن الصحابة رضي الله عنهم ، والأمة قبلت مرويات ، بل أكثر السنة من مرويات ، أكثر الأحاديث من مرويات أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه.
لكن أهل البدع وأهل الأهواء هم المتعصبون.
والمعروف عن الذين يقدحون هم أهل البدع مثل الرافضة الذين يكرهون أبا هريرة ، ويكرهون غيره من الصحابة.
ولهذا يعني يأتون بمثل هذا الكلام السيئ كون أبو هريرة متأخر إسلامه ، وغيره من كبار الصحابة مثل أبو بكر وعمر وعثمان وعلي أقلُّ منه حديثاً مع أنهم من أول من أسلم.
علموا ولكنهم تجاهلوا وقصدهم السوء والإفساد والتشويش.
من المعلوم أن أبا هريرة رضي الله عنه وأرضاه فيه عوامل عديدة جعلت حديثه يكثر ، وجعلت الناس يأخذون عنه كثيراً.
أولاً: كونه لازم الرسول صلى الله عليه وسلم من ناحية تحمله كونه لازم الرسول صلى الله عليه وسلم.
أما من ناحية كثرة الرواية عنه ، فكونه في المدينة ، وكونه عاش مدة طويلة ، لأنه بحدود الستين ، قريب من الستين على وفاته ، يعني عاش بعد الرسول صلى الله عليه وسلم في حدود الخمسين سنة.
أما أبو بكر وعمر وعثمان وبعض الصحابة الذين أقل حديث منه ، كانت وفتهم متقدمة ، ثم فيهم من كان مشغولاً في الولاية ، ومشغولاً بالخلافة.
وأما هذا ما عنده ‘لا الأخذ والإعطاء ، عنده الأخذ ، التلقي ، التحمل والتحميل ، الأخذ والإعطاء.
ثم كونه عاش مدة طويلة ، وكان بالمدينة ، والمدينة الناس يأتون إليها ، يريدون ويصدرون ، وإذا جاءوا لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة ، وأبو هريرة موجود في المدينة.
هذا من أسباب كثرة الرواية عنه ، وكثرة حديثه ، يعني كثرة الحديث ملازمة الرسول ، والتقاء مع الصحابة ، وكونه عاش فترة طويلة ، وكثرة الأخذ عنه كونه في المدينة وكونه عش مدة طويلة.
فهذا من أسباب كثرة حديثه تحملاً وأداءً رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
تم بتوفيق من الله تعالى تفريغ الشريط الأول من كتاب الطهارة وسيتبعه إن شاء الله تعالى تفريغ الشريط الثاني ***** بداية الشريط الثاني: .
.
.
.
ما ضر إلا نفسه كونه يتكلم في أبي هريرة كلامه فيه لا يضر أبا هريرة ، وإنما يضر المتكلم وكما يقولون: "كم من كلمة قالت لصاحبها دعني" "كم من كلمة قالت لصاحبها دعني".
الإنسان يتكلم بالكلمة ، وكان ينبغي ألا يتكلم بها ، وكأن الكلمة تناديه وتقل له دعني قبل أن ينطق بها ، لأن النطق بها ليس بحسن.
والرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول في الحديث الصحيح: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) والحافظ ابن حجر لما ذكر بعض كلام الحنفية المتعصبين الذين تكلموا في حديث المصراة من أجل أنه حديث أبي هريرة قال: "وقائل هذا الكلام ما ضر إلا نفسه".
ثم نقل عن أبي الموفر الصنعاني في رد على أبي زيد الدبوخي نقل نقلاً يعني قال: " إن القدح في أحد من الصحابة علامة على خذلان فاعله".
أبو تقي الدين ناصر الدين الجزائري