الحافظ ابن أبي الفوارس وأقواله في الرجال
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
المقدمة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعد.
وبعد/ فإن أشرف ما صرف فيه الإنسان عمره , وزين به وقته , وشغل به نفسهُ طلبُ العلم الشرعي, وللعلم الشرعي مصدران هما: كتاب الله عز وجل , وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - , وقد تعهد الله بحفظ كتابه, وكما حفظ الله كتابه حفظ سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - أيضا , وإن من مظاهر الحفظ لسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ما قام به العلماء والجهابذة من جهد مضن في سبيل جمع السنة وتدوينها ووضع القواعد التي تضبط ألفاظها , وتحدد قبولها من ردها وتمحص أحوال نقلتها ورواتها, ولذلك لما سئل ابن المبارك رحمه الله عن هذه الأحاديث المصنوعة الموضوعة؟:أجاب بقوله: يعيش لها الجهابذة (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون (¬1)) الآية:9 من سورة الحجر.
فعد - رحمه الله- جهود هؤلاء الجهابذة من تمام حفظ الله عز وجل لدينه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - , وإن من الواجب على طلبة العلم ذكر مآثر أولئك العلماء الذين أقامهم الله عز وجل لحفظ السنة ومعرفة صحيحها من سقيمها , والاعتناء بتراجمهم, ودراسة حياتهم العلمية , وإن من أولئك الأعلام الإمام الحافظ ابن أبي الفوارس –رحمه الله- المتوفى سنة (438هـ).
ومن الأسباب التي جعلتني أكتب عن هذا الإمام الحافظ ما يلي:
1 - جمع ما يمكن جمعه من أقوال ابن أبي الفوارس في الرجال من كتب التراجم , خاصة وأن كتابيه ((التاريخ والوفيات)) في عداد الكتب المفقودة , فما لا يدرك كله لا يترك جله.
2 - إن الأمم قد درجت على تمجيد عظمائها ومفكريها , وذلك بالتعريف بهم ونشر مآثرهم وآثارهم, وإنّ أولى العلماء بالكتابة عنهم هم حملة الشريعة الذين أسهموا في بناء التراث الإسلامي , ومنهم الحافظ ابن أبي الفوارس الذي كان علما بارزا من أئمة العلم وحفاظ الحديث.
3 - احجام كثير من الباحثين عن تناول التراجم باعتبارها مواضع جامدة لا مجال فيها للإبداع , وقد غاب عن أولئك الباحثين الفائدة العلمية التي يظفر بها الباحث من تتبعه لآثار صاحب الترجمة وآرائه مما يصقل الملكة العلمية عند الباحث.
4 - مكانة ابن أبي الفوارس العلمية , وكثرة أقواله المبثوثة في ثنايا الكتب , والتي تحفز طالبَ العلمِ الوقوفَ على تلك الأقوال.
وأما أهداف البحث فهي:
1 - التعريف بشخصية ابن أبي الفوارس وإبراز ما حفلت به حياته من عطاء متواصل , وتفان في سبيل خدمة العلم والحديث.
2 - التعرف على شيوخ ابن أبي الفوارس وتلاميذه , وذلك بجمعها من كتب التراجم.
¬__________
(¬1) الجرح والتعديل (1/ 18)