تجليات تهافت المنطق الحداثي في نقد النص الديني
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
تجليات تهافت المنطق الحداثي في نقد النص الديني
الدكتور عزالدين معميش
أستاذ مشارك في العقائد والفكر الإسلامي
كلية العلوم الإسلامية -جامعة الجزائر
مقدمة:
إن ما عُرف في نقدنا المعاصر باسم (المنهج الجمالي الفني) في مجال دراسات النصوص الدينية والأدبية؛ يمكن أن يكون صدى مباشرا لمدارس النقد الجديد الحداثية: (الفرنسية -والأنجلوالأمريكية)، بصرف النظر عن التسميات المنهجية الفرعية التي يُطلقها كل مدّعي على ممارسته النقدية الخاصة؛ كـ "النقد الجمالي"،، و"التحليل اللغوي الاستاطيقي"، و"البحث الاستطيقي"، و"منهج الرؤية الداخلية للنص".
ولقد عبّرالنقاد الجدد عن ضرورة التحوّل من الاهتمام الأدبي التخصّصي إلى فتح آفاق عقلانية وجمالية داخل التراث العربي الإسلامي ككل، بأركانه المعروفة: ـ النص (القرآن، والسنة، ومصادر التشريع الأخرى). ـ التاريخ الإسلامي. ـ اللغة. ـ الهوية.
ومن هنا تشكّل اتجاه جديد من خلال هذه الحركة النقدية في ميدان النص الديني، ادعى وزعم الوصول إلى نتائج جديدة وفعالة، والمساهمة في الحراك العلمي والثقافي والحضاري؛ عُرف باتجاه الحداثة؛ بفروعه: البنيوي والتفكيكي والتاريخاني.
ولذلك و جب الوقوف بتركيز شديد في نقد هذا الاتجاه، ومحاولة فهم النقد الجديد في جذوره الأصلية في أمريكا وفرنسا. لتبيان درجة التشويه التي يلحقها الحداثيون العرب بالنقد الغربي أولا؛ لأنه قام لغرض تخصصي موضوعي في مجال الألسنية الغربية، وتبيان فظاعة الأخطاء المنهجية والعلمية في حق النص الشرعي، وكشف الخلفيات الإيديولوجية التي تؤطر حركة هؤلاء.
فالنقد عندهم ممارسة تُعنى بكل ما يمكن قراءته في النص عبر آليات الاستنطاق والتأويل المفتوح، ولذلك فإن هذه المدرسة لم تحتمل الالتزام التخصصي؛ ومارست نقدها في شتى الميادين والأنظمة الإنسانية والاجتماعية والدينية.
ولعل "النص الديني" من أكثر الميادين المتاحة للتجارب النقدية الجديدة في تجلياتها المختلفة؛ عبر رؤية جمالية محكومة بمضامين الخيال والمتخيل الغربي. وقد سلك هؤلاء طريق التحريف للوصول إلى وضع "القرآن" في قالب "نص روائي" أو "نثري" ينطبق عليه محور الأجناس الأدبية التي أسّسها الأديب الفرنسي "لانسون"؛ غير مقتنعين بمسألة التغاير التخصصي والتفاضل المؤسَّس على الإعجاز؛ أي: المبني على مبدأ عقدي.