أصول الحكم على المبتدعة عند شيخ الإسلام ابن تيمية
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
أصول الحكم على المبتدعة عند شيخ الإسلام ابن تيمية
د.أحمد بن عبدالعزيز الحليبي
تقديم بقلم الأستاذ عمر عبيد حسنه
الحمدُ للهِ الذي تَعَهَّدَ بحفظِ القرآنِ، خطابِ السماءِ الخاتمِ الخالدِ، المجردِ عن قيود الزمان والمكان، إلى الإنسان المخلوق المكلف المكرم، فقال تعالى : (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) (الحجر : 9).
وهذا التعهد بالحفظ، بمقدار ما يمنح الأمة المسلمة من الاطمئنان لصحة وسلامة عالم أفكارها، ومصدر قيمها، بمقدار ما ينيط بها من المسؤوليات ويكلفها من التبعات في حمل الأمانة، التي تقع ضمن عزمات البشر، والتي هي تشريف للإنسان وارتقاء به، قبل أن تكون تكليفًا له وتبعة عليه، فهو المخلوق المكرم، لأنه يمتلك من الصفات والخصائص والمزايا ما يجعله أهلاً لهذا القول العظيم الثقيل، وهو المخلوق المكلف -والتكليف دليل الحرية وعلامة الاختيار- لأنه يمتلك من القدرة والإرادة، ما يجلعه قادرًا على إدراك الحق وحسن التلقي، وترجمة القيم والتعاليم السماوية والأفكار والقناعات إلى أفعال.
وتَعَهُّد الله الأكرم بحفظ الذكر، لم يقتصر على القرآن، على أهمية ذلك وضرورته على المستويات الدينية والثقافية والحضارية، وإنما امتد التعهد بالحفظ أيضًا إلى البيان، ذلك أن حفظ البيان (التفسير والتطبيق والتنزيل على الواقع)، لا يقل أهمية وضرورة عن حفظ القرآن، من حيث حماية مدلولات النص من التحريف، والتأويل، والانتحال، والغلو، قال تعالى : (إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرآناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه) (القيامة : 17-19).