أوثق عرى الإيمان
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
رسالة
أوثق عرى الإيمان
للشيخ
سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب
من كتاب
مجموع الرسائل
تحقيق
د. الوليد بن عبدالرحمن بن محمد آل فريان
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد
يخطيء من يظن أن التودد لأعداء الله والسعي في تقريبهم سوف يجلب محبتهم، ويدفعهم إلى أن يبادلوه حباً بحب.يقول الله تعالى في كتابه الكريم : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ {118}هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ {119}إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا} (1).فمن ينتظر منهم الرضى أو ينشده كمن يؤمل من السراب الخادع ماءا، والثقة بودهم وهم كبير وغفلة عن وقائع التأريخ المتكررة في كل زمان ومكان.ولذلك جاءت النصوص الكثيرة تأمر بمقاطعتهم وعداوتهم مهما تظاهروا بالمحبة الكاذبة، التي طالما اصطادوا الناس بشباكها.وفي الوقت نفسه دعت إلى توثيق الصلات بين المسلمين، وإشاعة المحبة والمودة في مجتمعهم، ونبذ أشكال الاختلاف والفرقة، بل اعتبرت المحبة جزءًا أساسياً من الإيمان، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : " لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا"(2).غير أنها وهي
__________
(1) سورة آل عمران : الآيات 118 - 120 .
(2) أخرجه مسلم في "الصحيح" : رقم 54، وأبو داود في " السنن " : رقم 5193، والترمذي في " الجامع" : رقم 2689من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .