شرح كتاب كشف الشبهات في التوحيد

مدة قراءة الصفحة : 4 دقائق .
شرح كتاب كشف الشبهات في التوحيد التوحيد إفراد الله بالعبادة بسم الله الرحمن الرحيم اعلم - رحمك الله - أن التوحيد هو إفراد الله بالعبادة،........... افتتح الإمام الشيخ - رحمه الله - هذه الرسالة بقوله: " اعلم - رحمك الله - أن التوحيد هو إفراد الله بالعبادة " هذا من نصح هذا الإمام - رحمه الله - حيث دعا لطالب العلم في أول الرسالة قال: " اعلم رحمك الله " فقوله: رحمك الله، خبر، والمعنى: اعلم يا طالب العلم ! الله يرحمك، فهو يدعو لك ويعلمك، وهكذا شأن المؤمن والعالم بالخصوص ناصح لإِخوانه المسلمين في الحياة وبعد الممات. ومن ذلك ما ورد في قصة صاحب ياسين الذي قتله قومه، ثم قال: يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ قتلوه ما يعلمون حاله !. فقال: يا ليتهم يعلمون أني على الحق حتى يستقيموا. قال -تعالى- عنه: وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ يأمرهم باتباع المرسلين فبلغ الله عنه وهذا مثل القراء الذين أرسلهم النبي -صلى الله عليه وسلم- في بعض الغزوات إلى قوم ليعلموهم فقتلوهم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " إنَّ إخوانكم لما قُتِلُوا قالوا: يا ربنا لو بلغت عنا يا ليت قومنا يعلمون بما حصل لنا، اللهم أخبر عنا نبيك" فقال الله: أنا أبلغهم عنكم، فأنزل الله في ذلك القرآن بلغوا عنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا. فالمقصود أن الشيخ -رحمه الله- يدعو لطالب العلم بالرحمة، ويعلمه فيقول: " اعلم - رحمك الله - أن التوحيد هو إفراد الله بالعبادة "، يعني: أن التوحيد الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه، هو إفراد الله بالعبادة. إفراد الله، أي: تخصيص الله بالعبادة، والعبادة كما عرفها. شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: ( اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة ). تحديد مفهوم العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال سواءً كانت باطنة كأعمال القلوب ومعتقداتها من التوَّكل، والصدق، والرغبة، والرهبة، والخوف، والرجاء، والمحبة.. أو الجوارح؛ من الصلاة والصيام والزكاة والحج، وكذلك أقوال اللسان من الذكر وتلاوة القرآن والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر... كل هذه شملها اسم العبادة، اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، والله -سبحانه وتعالى- لا يرضى ولا يحب العمل إلا إذا كان موافقًا لشرعه، فكل قول وعمل يوافق شرع الله ويكون خالصًا له فالله يحبه سواء كان باطنًا أو ظاهرًا. فالعبادة هي الأوامر والنواهي، فكل ما أمر الله به ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وجب العمل بما يستطاع منها، وكل ما نهى الله عنه أو نهى عنه رسوله -صلى الله عليه وسلم- وجب ++ إخلاصًا لله وابتغاء مرضاته. هذه هي العبادة التي يجب أن تخص الله بها دونما سواه فيخص الله بالدعاء. فلا يدعو الله ويدعو معه غيره، فإذا دعا الإنسان ربه، ودعا غيره، صار مشركًا ويخصّ الله بالصلاة فلا يصلي لله ويصلي لغيره. ويخص الله بالصلاة، ويخص الله بالزكاة، يخص الله بالحج، ويخص الله بالذبح، ويخص الله بالنذر. هذا هو التوحيد الذي خلق الله الخلق من أجله، قال الله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ . توحيد الألوهية يستلزم توحيد الربوبية: وإذا وحَّد العبد الله في عبادته، ففي ضمن ذلك توحيد في ربوبيته وأسمائه وصفاته؛ لأنَّ من عَبَدَ الله، ففي ذلك اعترافه بأنه هو الرب النافع الضار الذي يقدر على إيصال النفع إليه، وهذا هو معنى قول العلماء توحيد الألوهية متضمنٌ توحيد الربوبية، معنى متضمن: أي أنه داخل في ضمنه. فلولا أن العبد يعتقد أن الله هو الرب، وأنه النافع، وأنه الضار، وأنه الذي يوصل إليه النفع ويدفع عنه الضر، لما عبده، فلما عبده دلَّ على اعترافه بربوبيته وأسمائه وصفاته بخلاف توحيد الربوبية فإنه يستلزم توحيد الألوهية، ومعنى يستلزم يعني: يستدعيه ويقتضيه ويوجبه. فمن اعترف أن الله هو الخالق الرازق المدبر المحيي، لزمه أن يعبد الله لكن ما كل أحد يلتزم بما لزمه، ولهذا فقد اعترف المشركون بتوحيد الربوبية، لكن ما التزموا بتوحيد العبادة. وإن كان لازمًا لهم، فتوحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية، وتوحيد الألوهية يتضمن توحيد الربوبية، ومعه++ ويستلزمه، يعني: يدل عليه ويوجبه ويقتضيه مثل التوبة تستلزم التائب لكن التوبة غير التائب، ومثل الولادة تستلزم والد وولد، والوالد يستلزم ولد، لكن الولد غير الوالد وهكذا. فالشيخ - رحمه الله - يقول: " اعلم أن التوحيد هو إفراد الله بالعبادة " يعني: التوحيد الذي أرسل الله به الرسل وأنزل به الكتب. هو إفراد وتخصيص الله بالعبادة. وهي العبادة التي جاء بها الشرع، بأن جاءت في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-. ومعنى تخصيص الله بالعبادة: تخصيص الله بالصلاة مثلًا، فلا يصلي لله ويصلي لغيره. تخصيص الله بالزكاة، تخصيص الله بالحج، تخصيص الله بتلاوة القرآن، تخصيص الله بالذكر، تخصيص الله بالتوكل والرغبة والرهبة، فجميع أنواع العبادة يخص الله بها وهي التي جاء بها الشرع.