الإيمان بالقضاء والقدر - الحمد
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله _ صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً _.
أما بعد، فإن علم العقيدة أشرف العلوم، وأعظمها، وأهمها.
وإن من أجلّ النعم وأوفاها وضوحَ العقيدة الإسلامية، وموافقتَها للفطر القويمة، والعقول السليمة، وسلامتها من التناقض والاضطراب واللبس والغموض؛ فألفاظها سلسة، ومعانيها بينة يفهمها العالم والعامي، والصغير والكبير.
وأدلتها المستقاة من الكتاب والسنة تسبق إلى الأفهام ببادئ الرأي، وأول النظر، ويشترك كافة الخلق في إدراكها؛ فهي مثل الغذاء ينتفع به كل إنسان، بل كالماء الذي ينتفع به الصبي والرضيع، والرجل القوي والضعيف؛ فأدلة الكتاب والسنة سائغة جلية تقنع العقول، وتسكن النفوس، وتغرس الاعتقادات الصحيحة الجازمة في القلوب.
ألا ترى أن من قدر على الابتداء فهو على الإعادة أقدر [وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ] سورة الروم:27، وأن التدبير لا ينتظم في دار واحدة بمُدبِّرين فكيف في جميع العالم؟! [لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا] سورة الأنبياء: 22، وأن من خلق علم، ثم خلق كما قال _ تعالى _[ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ] سورة الملك:14.
فهذه الأدلة وأمثالها تجري مجرى الماء الذي جعل الله منه كل شيء حي(1).
__________
(1) أشار إلى هذا المعنى اللطيف ابن الوزير اليماني، انظر =ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان+ ص348.