آلام المسيح

مدة قراءة الصفحة : 4 دقائق .
تأبى الحقيقة دائما إلا أن يكون لها وجه واحد ، إنها لا تجيد ارتداء الأقنعة , كما أنه ليس من أهدافها أن تضلل البشر ، إنها واضحة كالشمس ، ناصعة البياض كالثلج ، تقف على قارعة الطريق المستقيم تنادى على بنى البشر ، ولكن - وياللأسف - قليلون هم الذين يلتفتون إليها . والأكثرون يواصلون السعى دون أن يتحسسوا مواضع أقدامهم ، وكلما لاح بارق حق , أسدلوا ستار العمى فوق أعينهم ، وكلما هتف هاتف صدق ، هشموا أحرفه بحجارة اللامبالاة ، فتناثر صوته في غياهب المجهول . سقط الكثيرون فى هوة التيه ، ولكنهم يصرون على أنهم يمتلكون الحقيقة "وما كان الله ليظلمهم ، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون" . سورة العنكبوت آية 40 إننى فى هذا الكتاب أحاول أن أخلع بعض الغمام من الآفاق ، ذلك الغمام الذى تم تثبيته بمسامير الوهم , ليخفى وجه الحقيقة الملائكى . إننى أحاول أن أقترب من "الآخر" قليلا ، أحاول أن أمد له يدى لنسير معا فى طريق النور, كما أننى أتفهم جيدا كل التراكمات التاريخية والبيئية والنفسية ، تلك التى حالت بينه وبين التعرف على ذاته ، وإن أسوأ ما يمكن أن يواجهه الإنسان هو أن يجهل ذاته . لا صوت يعلو فوق صوت الحوار , هذا هو شعار عصر العولمة , حوار السياسات والأديان , لقد بدأت جبال الجليد في الذوبان , و ها هي الأسوار الشائكة تلفظ أنفاسها . تمثل الكتب المقدسة معينا لا ينضب من الأفكار والتصاوير والمعاني والدلالات , ولا يوجد مثقف ولا كاتب ولا شاعر لم يستمتع بالإبحار في الكتب المقدسة , وكذلك روائع الأدب العالمي , باعتبارها ميراثا مشتركا لكل البشر . إنني في هذه القراءة الجديدة لنصوص التوراة والإنجيل , أحاول أن ألملم شتات بعض الدلالات الجديدة التي تتخفى حينا وتتبدى أحايين , تلوح وتتوارى , تبوح وتصمت , تلمح وتصرح من خلال نصوص ساحرة وربما مراوغة .