إمامة الشيعة دعوة باطنية لاستمرار النبوة
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
إمامة الشيعة
دعوة باطنية لاستمرار النبوة
بقلم
عبد الملك بن عبد الرحمن الشافعي
التمهيد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد فإن المتتبع لخلافات الفرق الإسلامية يعلم يقيناً أن أبرز نقطة جوهرية تفرد باعتقادها الشيعة الإمامية هي قضية الإمامة ومعناها الاعتقاد بوجوب وجود إمام معصوم بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قيام الساعة(1)، مفارقين بذلك أهل السنة بجميع فرقهم الذين لا يعتقدون بوجوب ذلك.
وقد كان من الطبيعي جداً أن يحاول الشيعة إثبات صحة معتقدهم هذا والدفاع عنه بشتى الوسائل الممكنة، تارة عن طريق سوق ما يأملون أن يصبَّ في مصلحة دعواهم تلك من أدلة عقلية ونقلية – كتاب وسنة – وعرضها على أنها براهين ساندة في إثبات صحة معتقدهم في الإمامة، وتارة أخرى من خلال شنّ هجوم عنيف لا هوادة فيه على عقيدة أهل السنة والجماعة الذين لا يعتقدون بالإمامة وفق مفهومهم لها.
ولو أن قضية الإمامة هذه بقيت داخل إطار البحث العلمي وأصوله المعروفة من حيث عرضها على أنها فرضية علمية تمثل نتاج إعمال بعض أهل الرأي والنظر عقولهم في مجموعة من الأدلة والمعطيات ليتوصلوا إلى إقرارها حسب ما أوصلهم إلى ذلك اجتهادهم، وأن هذه الفرضية خاضعة للمناقشة والتقييم من قبل أهل العلم والرأي والاجتهاد دون نفي آراء المخالفين لها أو إخراجهم من حظيرة الإسلام الواسعة، على اعتبار أنها نتاج الفكر البشري وليست أصلاً عقائدياً مقطوعاً فيه، أقول لو أن الأمر نهج هذا المنهج وسار على هذا المسار لما كان فيه بأس أو ضرر ربما، ولكان الحوار علمياً لمناقشة وجهات النظر والتقريب بينها.
__________
(1) فيقول علامتهم وحجتهم محمد رضا المظفر في كتابه (عقائد الإمامية) ص102-103:[ فلا بد أن يكون في كل عصر إمام هاد يخلف النبي في وظائفه ... وعليه لا يجوز أن يخلو عصر من العصور من إمام مفروض الطاعة منصوب من الله تعالى].