عقيدة المسلم
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
مقدمة الناشر
إن المسلم لم يتخل مطلقًا عن عقيدته، فلقد ظل مؤمنًا متدينًا، ولكن عقيدته تجردت من فاعليتها؛ لأنها فقدت إشعاعها الاجتماعي ، فأصبحت جذبية فردية، وصار الإيمان إيمان فرد متحلل من صلاته بوسطه الاجتماعي . وعليه فليست المشكلة أن نعلم المسلم " عقيدة " هو يملكها، وإنما المهم أن نرد إلى هذه العقيدة فاعليتها وقوتها الإيجابية ، وتأثيرها الاجتماعي ، وفي كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن " نبرهن " للمسلم على وجود الله ، بقدر ما هي في أن نُشعرَه بوجوده ونملأ به نفسه باعتباره مصدرًا للطاقة. فالعقيدة.. رباط معنوي يربط المسلم بربه.. رباط معقود لا تحله أزمة مادية ولا اضطهاد بشري ؛ لأنها عقدة روح بالحقيقة العليا ، وعقد مكتوب بدم القلب ، وأشعة الفكر بين المسلم ودعوته. فهي تنبع من الروح وتشع من القلب ، وتتصل بأسباب السماء ؛ ولذلك يكتب لها الخلود ، كما كُتب للعقائد التي جاء بها الرسل والأنبياء، ولم يكتب الخلود للنظريات والآراء الاجتماعية التي جاء بها الفلاسفة والعلماء… والعقيدة… طبيعة لا علم، وشعور لا فلسفة، وخلق لا رأى ، والعقيدة أقوى رباط يربط بين المسلم وغايته ، وبينه وبين مَن آمنوا معه ، وما أحكم قول الإمام حسن البنا : " لا رابطة أقوى من العقيدة ، ولا عقيدة أقوى من الإسلام " . والمسلم بهذه العقيدة.. روح فَذٌّ قبل أن يكون عقلاً ألمعيًّا ، وهو رجل عام لا يعيش لنفسه، بل يعيش للحق ، ويموت في سبيل الحق وحده، ولابد لرجل العقيدة من نظرتين في عقيدته : " أنه إزاءها لا شيء " ، وأنه بها " كل شيء" ، فهو لها خادم أمين ، وبها ملك رفيع. والمسلم بهذه العقيدة... يثبت والدنيا تتزلزل من حوله ، ويرى في نزر المحنة بشائر النصر.. وهو بها أكبر من الأحداث ؛ لأنه من الله في كنَفٍ حصين وركن شديد . ورجال العقيدة يعيشون في الدنيا ولا تعيش فيهم ، ويأكلون منها ولا تأكل منهم . يرون الدنيا كما هي .. وتنفذ