دفاع عن العقيدة والشريعة

مدة قراءة الصفحة : 4 دقائق .
مقدمة الطبعة الخامسة عندما تناولت كتاب "العقيدة والشريعة" لـ "جولد تسيهر" منيت النفس بمطالعة بحث جيد، فإن المؤلف مستشرق لامع الاسم واسع الاطلاع- كما بلغنا- والمترجمون نفر من الأساتذة النابهين. ومن خدع الآمال أن أنتظر من أحد المستشرقين بحثا مبرءا عن العيوب، فذلك شىء يتنافى مع وظيفة الاستشراق الذى يمهد الطريق أمام الاستعمار الغربى والشرقى، كما تمهد الدبابات الطريق أمام زحف المشاة، فى فنون الحرب..!! أقصى ما رجوت أن أقرأ بحثا كثير الصواب قليل الخطأ، خفى الدس، أو ماكرهُ. لكنى ما كدت أنتهى من الصحائف الأولى حتى ساورتنى الشكوك، فلما مضيت فى متابعة المؤلف استولت على الدهشة، وأوغلت فى القراءة، وقد تكشف لى الأمر. هذا رجل أراد السفر إلى الإسكندرية من القاهرة، فيمم وجهه شطر خط الاستواء، وسار لا يلوى على شىء.!! إن كل خطوة يخطوها لا تزيده إلا ضلالا عن القصد وبعدا عن الغاية، وسواء تكاسل فى مسيره أو نشط، وسواء تأنق فى مسيره أو تعثر فهو لن يحقق بهذه الجهود المهدرة شيئا.. و "جولد تسيهر" منذ شرع يخط السطور الأولى فى كتابه، لم يكن يملك ذرة من روح العالم المنصف. كان يخطىء فى النقل والفهم والحكم، وليعذرنى القارىء إذا قلت: إننى غالبت مرارا شعور الاحتقار لهذا الرجل، فعجزت لطول ما رأيت من إغراقه فى الحيرة والشرود، ولطول ما يئست من أن يتجرد للحق فى فصل من فصول كتابه. وقد حرصت فى الرد على هذا المستشرق أن أستوفى الحقائق العلمية التى توضح ما عفاه أو غاب عنه. ومع أن رأس مالى فى مناقشة خصمى هذه الحقائق العلمية والتاريخية التى لابد منها. إلا أننى أجمعت رأيى على أن أتناوله بما يستحق من نعوت، وذلك لسببين: أولهما: إن الاستشراق كهانة جديدة تلبس مُسُوح العلم والرهبانية فى البحث، ص _004