محك النظر - دار الفكر

مدة قراءة الصفحة : 4 دقائق .
و «النمط الثالث نمط التعاند وهو على ضد نمط التلازم، والمتكلمون يسمّونه السبر والتقسيم، والمنطقيون يسمّونه الشرطي المنفصل ونحن سمّيناه التعاند ... » «1» وكان الغزالي قد أورد تسميات للسبر والتقسيم والتعاند في المعيار «2»، من دون أن يعتمدها مصطلحا، مسوّغا في ذلك المفاهيم المنطقيّة ضمن المعاني الإسلاميّة. ويقابل التعاند الشرطي المنفصل، كما يعني التنافي والتضاد بين القضيتين. والاستدلال التعاندي يشبه السبر والتقسيم، إذ يسقط أحد المتعاندين. وعرّف الجرجاني التعاند والعنادية قائلا: «هي القضية التي يكون الحكم فيها بالتنافي ... كما بيّن الفرد والزوج» «3». و ورد استعمال الشرطي المنفصل في المعيار والمقاصد، وقد شرحنا الاشتراط، أمّا الانفصال فيعني وجود النقيضين إثباتا للآخر، فهنا عدم اجتماع، ويعبّر الاشتراط المنفصل عن قضيّة احتمالية اقترنت بأداة الشرط آخذة شكل التنافي، (إمّا هذا وإمّا ذاك .. ). ويمكن لها أن تكون واقعيّة تجريبيّة أو شكليّة رمزيّة. بينما يوحي التعاند بمدلول الحكمين المتنافيين، أو الحكم المجزّأ إلى جزئين متباينين، ليفيد استدلاليّا الأخذ بأحدهما. فهو عمليّة تنقيب بين مجموعة أشياء، صفتها التعاند لنزع غير المطلوب وإبقاء الحكم الصحيح. وهذه هي الطريقة التقسيميّة الفرزيّة، التي ربّما ميّزت لنا الفرق بين الاحتمال المنطقيّ الرياضيّ والتقسيم والفرز. فالاحتمال يدفع الذهن إلى البحث والتقصّي والاكتشاف واضعا الشكوك. بينما التقسيم يمدّنا بأحكام قائمة ثابتة واقعة، وما على الباحث سوى التفتيش بينها لأخذ المطلوب وفرزه عن غيره. على أنّنا نرجو أن نوفّي الأمر بحثا وتحليلا في فصل العلاقات المنطقيّة بالباب الثاني، توضيحا للفرق والأبعاد، وزيادة __________ (1) المصدر نفسه، ص 42. (2) الغزالي، المعيار، ص 100. (3) الجرجاني، التعريفات، ص 106.