شرح الرضي على الكافية
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
لانك إنما ابتدأت بالاسم لغرض الاخبار عنه، والغرض وإن كان متأخرا في الوجود، إلا أنه متقدم في القصد، وهو العلة الغائية وهو الذي يقال فيه: أول الفكر آخر العمل فيرفع كل منهما صاحبه بالتقدم الذي فيه، فترافع المبتدأ والخبر، إذن، كعمل كلمة الشرط والشرط، كل منهما في الاخر في نحو قوله تعالى: " أيا ما تدعوا " (1)، فأداة الشرط متقدمة على الشرط، إذ هي مؤثرة لمعنى الشرط فيه، متأخرة عنه تأخر الفضلات عن العمد، فالمبتدأ والخبر، على هذا التقدير، أصلان في الرفع، كالفاعل، وليسا بمحمولين في الرفع عليه، وهو مذهب الاخفش (2)، وابن السراج (3)، ولا دليل على ما يعزى إلى الخليل (4) من كونهما فرعين على الفاعل، ولا على ما يعزى إلى سيبويه من كون المبتدأ أصل الفاعل في الرفع.
وعلى التقرير المذكور: التمييز، والحال، والمستثنى الفضلة، أصول في النصب كالمفعول، وليست بمحمولة عليه، كما هو مذهب النحاة.
ولما كان مستنكرا في ظاهر الامر ترافع المبتدأ والخبر لما تقرر في الاذهان من تقدم المؤثر على الاثر، واستحالة تقدم الشئ على مؤثره ضعف عملهما، فنسخ عملهما كثير مما دخل عليهما مؤثرا فيهما معنى، ككان، وظن، وكان، وإن، وأخواتها، وما، ولا التبرئة (5)، على ما يجئ في أبوابها، فصارت العمدة في صورة الفضلة منتصبة، وهي اسم
__________
(1) الاية 110 من سورة الاسراء
(2) الاخفش إذا أطلق كان المراد به: أبا الحسن سعيد بن مسعدة تلميذه سيبويه، وهو الاخفش الاوسط.
أما الاكبر فهو أبو الخطاب عبد الحميد شيخ سيبويه والاخفش الاصغر هو أبو الحسن علي بن سليمان تلميذ المبرد.
(3) ابن السراج هو: أبو بكر محمد بن السرى، أخذ عن المبرد وقرأ عليه كتاب سيبويه توفي سنة 310 ه (4) الخليل بن أحمد الفراهيدي أو الفرهودي، إمام في النحو واللغة وهو واضع علم العروض ونسب إليه أنه واضع علم النحو وهو شيخ سيبويه وتلميذ أبي عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر وغيرهما من أوائل أئمة النحو، وأكثر ما جاء في كتاب سيبويه منقول عنه.
(5) يطلق النحاة على " لا " النافية للجنس: لا التبرئة، لانها بسبب نفي معنى الخبر عن الاسم كأنها برأت الاسم من الاتصاف بمضمون الخبر.
(*)