إيقاعات الزمن الراقص
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
إيقاعات الزمن الراقص
الحقوق كافة
محفوظة
لاتحاد الكتّاب العرب
البريد الالكتروني: unecriv@net.sy E-mail :
aru@net.sy
موقع اتحاد الكتّاب العرب على شبكة الإنترنت
http://www.awu-dam.org
تصميم الغلاف للفنان : خالد الرحال
((
علي السباعي
إيقاعات الزمن الراقص
قصص قصيرة
من منشورات اتحاد الكتاب العرب
دمشق - 2002
إيقاعات الزمن الراقص
- انتهى الدرس، وبانتهائه بدأت عجلة الحياة تدور في الاتجاه المعاكس، الدقائق بدأت تحصدها مناجل من لحظات راقصة، وبحركات رشيقة، اهتزازات متقنة، ترقص المخلوقات. إذ أصبح هذا الرقص جزءاً من حالات انتهاء الدرس لحركات الراقصين والراقصات، تتكسر الثواني كما الزجاج المتكسر من نوافذ المنازل بفعل ارتجاج عقارب ساعات الرقص. الأيام هجرها الزمن، ضاع الإنسان، وضياعه هذا تولَّد من أفعال معاكسة لإرادات جبارة، يقال إن البطريق إذا ضلَّ طريقه إلى أفراد فصيلته يصاب بالحزن-إذ سرعان ما تحتضنه كل البطاريق، وتجعله يأنس معها-.. الآن –أعني اليوم- الإنسان ضاع إلى الأبد، ولا يجد في ضياعه غير المادة. بهذا بدأ أستاذنا الجامعي محاضرته في درس التاريخ المعاصر، استأنف قائلاً:
-طويت صفحة من التاريخ بتداعي الاشتراكية، تكسرت عقاربها المتحركة فوق جليد البريسترويكا، بدأت صفحة أخرى، وعقارب جديدة، حديدية، قوية، وسريعة تدعى: النظام الدولي الجديد!
هكذا! هو التاريخ –كديناميكية الحركة التي تتولد من السكون.
وفي صمت كنت أتمعن في كلام الدكتور المحاضر وهو لا يزال مستمراً بإلقاء محاضرته:
-إما أن يأكلنا النظام الدولي الجديد أو نأكله- قد يكون هذا مبهماً، أصم عقيماً فقط للوهلة الأولى. فلا بد أن يحدث تغيير. جاء في الماضي الاسكندر المقدوني، أكل العالم –فأكله التاريخ، جاءت حقبة الحربين أيضاً ابتلعهما التاريخ. إذن! ستبدأ عقارب الساعة بالتراجع من الرقم الأعلى إلى الصفر عكس المعهود- لن تبدأ من الصفر لأن الحياة بكونها بدأت من الصفر، وتخطته إلى حواجز عديدة. سقطت كل الأقنعة، تكسرت عقاربها على ميناء التاريخ تخلصنا من القديم بالدمار. نعم! التاريخ قد يكون الدمار، الجوع، الحرب، ولن يكون الرقص.