كلماتي مع الخالدين من إصدارات مجمع اللغة العربية بالقاهرة
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
وقد اتسمت هذه الدراسات بأمانة الأداء والصدق العلمى وعمق التحليل واتساع الأفق، كما عبَّرت عن مدرسة فكرية مصرية متميزة تنفذ إلى روح الحضارة المصرية القديمة وتكشف عن حقيقة جوهرها فيما تبحث فيه من تاريخها وخصائص عقائدها ولغتها وآدابها وفنونها مع عقد المقارنات الموضوعية بينها وبين واقع الحياة الفعلية فى البيئات والمجتمعات المصرية والشرقية استهدافا لما يربط بين حاضرها وماضيها.
وقد صَوَّبت هذه الدراسات ذات المنهج العلمى الواضح المتكامل عديدًا من المفاهيم الأجنبية عن الحضارة المصرية القديمة وخرجت بنظريات وآراء جديدة موثقة عدلت بها بعض المسلمات التقليدية فى ميدانها، كما قدمت بعض الحلول للمشكلات التاريخية المتعلقة بها.
والكشوف الأثرية العلمية التى أجراها الأستاذ الدكتور عبد العزيز صالح ذات أهمية بالغة فقد كان له دوره فى الكشف عام 1955م عن برديات مصرية بمنطقة تونة الجبل بالمنيا تضمنت نصوصا ديموطية تضيف الجديد عن نظم المعاملات فى القانون المصرى القديم، كما كشف فى هضبة الجيزة منذ عام 1970م عن آثار حى سكنى صناعى لقطاع من الطبقة العاملة المتصلة بمعبد شعائر الهرم الثالث. وقد تضمن هذا الكشف مصنعا لبردى يعتبر فريدا فى نوعه كما عبرت بقايا مساكن هذا الحى عن المستوى الاقتصادى والحرفى لأصحابها خلال القرن 23 قبل الميلاد.
ومنذ عام 1976م توالت بحوثه ودراساته العملية للكشف عن المعالم الحضارية الرئيسية لمدينة أونو القديمة (أى هليوبوليس وعين شمس) أولى المراكز الكبرى للفكر والثقافة الجامعة فى العالم القديم، وكشف منها حتى الآن عن بقايا 140 وحدة سكنية وإدارية وصناعية لقطاع من الطبقة الوسطى الدينية والمدنية خلال القرنين 12-11 قبل الميلاد، كما كشف عن بقايا ثلاثة معابد وحصن ملكى من عصر الرعامسة، وكان لذلك كله صدى علمى كبير فى الأوساط الأثرية العالمية.