الهولندي الطائر
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
الدكتور: علي عبد الأمير صالح
الهُولندي الطائر
قصص قصيرة
الحقوق كافة
محفوظة
لاتحاد الكتّاب العرب
من منشورات اتحاد الكتّاب العرب
2000
البريد الالكتروني: E-mail : unecriv@net.sy
aru@net.sy
موقع اتحاد الكتّاب العرب على شبكة الإنترنت
http://www.awu-dam.com
تصميم الغلاف للفنانة: نسرين الحسن
((
"أيتها السعادة – مهلاً: أخبريني إلى أين تطيرين؟"
…………"إلى القلب العاشق."
"أيها الشباب، ليتك تعود- إلى أين أنت مسرع ولماذا؟"
…………"إلى القلب العاشق"
"أيتها الشجاعة والقوة- أخبراني أين تسكنان؟"
…………" في القلب العاشق."
"وإلى أين أنتما مسرعان، أيها الحزن والقلق؟"
…………"إلى القلب العاشق."
رسول حمزاتوف
(
براءة
وقع بصره عليها، كانت فوق السلالم، محنية الظهر كالقوس، شعرها مغطى بربطة حريرية زرقاء، فيما تصاعدت سحابة غبار شرعت تغمر المكان، أدارتْ الفتاة رأسها وتبسمتْ ببرود.
-هل تشربين شاياً؟
حملقتْ في وجهه ورفعت جذعها، حركتْ أصابعها الطويلة وعاينتْ كفها المحمرة ثم دخلت الغرفة، على مدى لحظات قلائل علا وجهها خجل طفولي وبعدها جلستْ على حافة الأريكة، صبَّ قدحين من الشاي وأخذا يرتشفان بصمت واجم.
كانت ترتدي ثوباً أزرق لاحتْ خلفه رمانتان طريتان مر فوقهما شريط من الدانتيلا البيضاء. وضعتْ قدح الشاي على حافة الطاولة الصغيرة وحوّمتْ بصرها في أرجاء الغرفة.
-تبدين صغيرةً كالبرعم!
على وجهها رقصتْ ابتسامة عذبة؛ رفعتْ إليه عينين واسعتين.
-وأنتَ أيضاً، تبدو صغيراً مثل عصفور أزغب!
ضحكا معاً. وفي لمح البصر تبادلا النظر بصمت. كان الوقت عصراً وأشعة الشمس تتسلل ناعمةً دافئةً عبر النافذة لترسم مستطيلاً من الضوء فوق الجدار المطلي بدهان رمادي.
قال العصفور:
-هل أنتِ خجلة؟ اخلعي المنديل ودعيني أرى شعركِ!
في عينيها لاح شعور غامض بالحرج، خلعتْ المنديل وكوّرته بين أصابعها.
قال البرعم:
-هل تحب شعور النساء؟
-بالطبع أحبها، النساء أميرات قلوبنا، وشعورهن تيجان مهداة من قبل الرب!
ضحك البرعم ضحكةً قصيرةً، وركز بصره في عيني العصفور.
-هل تتنزه في الليل؟
-أتنزه قليلاً، وأجلس في المقهى قرب التلفاز.
أرخت ذراعها فوق حافة الأريكة، جثم صمت ثقيل مطبق بكثافة، وبعد دقيقتين قالت:
-هل لك صديقات؟
أجاب العصفور:
-لا.
-هل تشعر بحاجتك إليهن ولو في بعض الأوقات مثلاً؟
-نعم، في أيام الصيف يجتاحني حزن أصفر صحراوي.