حادي الأرواح (دار الكتب العلمية)
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
بسم الله الرحمن الرحيم وبه الاعانة
الحمد لله الذي جعل جنة الفردوس لعباده المؤمنين نزلا ويسرهم للأعمال الصالحة الموصلة إليها فلم يتخذوا سواها فسلكوا السبيل الموصلة إليها ذللا خلها لهم قبل أن يخلقهم وأسكنهم إياها قبل إن يوجد هم وحفها بالمكاره وأخرجهم إلى دار الامتحان ليبلوهم أيهم أحسن عملا وجعل ميعاد دخولها يوم القدوم عليه وضرب مدة الحياة الفانية دونه أجلا وأودعهم مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وجلاها لهم حتى عاينوها بعين البصيرة التي هي أنفذ من رؤية البصر وبشرهم بما أعد لهم فيها على لسان رسوله فهي خير البشر على لسان خير البشير وكمل لهم البشرى بكونهم خالدين فيها لا يبغون عنها حولا والحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا وباعث الرسل مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل غذ لم يخلقهم عبثا ولم يتركهم سدى ولو يغفلهم هملا بل خلقهم لأمر عظيم وهيأهم لخطب جسيم وعمر لهم دارين فهذه لمن أجاب الداعي ولم يبغ سوى ربه الكريم بدلا وهذه لمن لم يجب دعوته ولم يرفع بها رأسا ولم يعلق بها أملا والحمد لله الذي رضي من عباده باليسير من العمل وتجاوز لهم عن الكثير من الزلل وأفاض عليهم النعمة وكتب على نفسه الرحمة وضمن الكتاب الذي كتبه أن رحمته سبقت غضبه دعا عباده إلى دار السلام فعمهم بالدعوة حجة منه عليهم وعدلا وخص بالهداية والتوفيق من شاء نعمة ومنه وفضلا فهذا عدله وحكمته وهو العزيز الحكيم وذلك فضله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عبده وابن عبده وأبن أمته ومن لا غنى به طرفة عين فضله ورحمته ولا مطمع له في الفوز بالجنة والنجاة من النار إلا بعفوه ومغفرته واشهد أن محمد عبده ورسوله وأمينة على وحيه وخيرته من خلقه أرسله رحمة للعالمين وقدوة للعاملين ومحجة للسالكين وحجة على العباد أجمعين بعثه للأيمان مناديا وإلى دار