التبيان في أقسام القرآن - الفكر

مدة قراءة الصفحة : دقيقة واحدة .
في أقسام القرآن وهو سبحانه يقسم بأمور على أمور وإنما يقسم بنفسه الموصوفة بصفاته وآياته المستلزمة لذاته وصفاته وإقسامه ببعض المخلوقات دليل على أنه من عظيم آياته فالقسم إما على جملة خبرية - وهو الغالب - كقوله تعالى { فورب السماء والأرض إنه لحق } وإما على جملة طلبية كقوله تعالى { فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون } مع أن هذا قد يراد به تحقيق المقسم عليه فيكون من باب الخبر وقد يراد تحقيق القسم والمقسم عليه يراد بالقسم توكيده وتحقيقه فلابد أن يكون بما يحسن فيه ذلك كالأمور الغائبة والخفية إذا أقسم على ثبوتها فأما الأمور الظاهرة المشهورة كالشمس والقمر والليل والنهار والسماء والأرض فهذه يقسم بها ولايقسم عليها وما أقسم عليه الرب فهو من آياته فيجوز أن يكون مقسما به ولا ينعكس وهو سبحانه يذكر جواب القسم تارة وهو الغالب وتارة يحذفه كما يحذف جواب لو كثيرا كقوله تعالى { كلا لو تعلمون علم اليقين } وقوله { ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض } { ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة } { ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت } { ولو ترى إذ وقفوا على ربهم } ومثل هذا حذفه من أحسن الكلام لأن المراد أنك لو رأيت ذلك لرأيت هولا عظيما فليس في ذكر الجواب زيادة على مادل عليه الشرط وهذه عادة الناس في كلامهم إذا رأوا أمورا عجيبة وأرادو أن يخبروا بها الغائب عنها يقول أحدهم : لو رأيت ماجرى يوم كذا بموضع كذا ؟ ومنه قوله تعالى { ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب } فالمعنى في أظهر الوجهين : لو يرى الذي ظلموا في الدنيا إذ يرون العذاب في الآخرة والجواب محذوف ثم قال : { أن القوة لله جميعا } كما قال تعالى { ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت } { ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة } أي لو ترى ذلك الوقت ومافيه وأما القسم فإن الحالف قد يحلف على الشيء ثم يكرر القسم فلا يعيد المقسم عليه لأنه قد عرف مايحلف عليه فيقول : والله إن لي عليه ألف درهم ثم يقول : ورب السموات والأرض والذي نفسي بيده وحق القرآن العظيم ولايعيد القسم عليه لأنه قد عرف المراد والقسم لما كان يكثر في الكلام اختصر فصار فعل القسم يحذف ويكتفى بالباء ثم عوض من الباء الواو في الأسماء الظاهرة والتاء في أسماء الله كقوله { وتالله لأكيدن أصنامكم } وقد نقل : ترب الكعبة وأما الواو فكثيرة