القواعد لابن رجب - مكتبة الكليات
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
مقدمة
...
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رَبِّ يَسِّرْ وَأَعِنْ
قَال الشَّيْخُ الإِمَامُ العَالمُ العَلامَةُ أَبُو الفَرَجِ زَيْنُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رَجَبٍ الحَنْبَليّ تَغَمَّدَهُ اللهُ بِرَحْمَتِهِ وَأَسْكَنَهُ فَسِيحَ جَنَّتِهِ:
الحَمْدُ للهِ الذِي مَهَّدَ قَوَاعِدَ الدِّين بِكِتَابِهِ المُحْكَمِ، وَشَيَّدَ مَعَاقِل العِلمِ بِخِطَابِهِ وَأَحْكَمَ، وَفَقَّهَ فِي دِينِهِ مَنْ أَرَادَ بِهِ خَيْرًا مِنْ عِبَادِهِ وَفَهَّمَ، وَأَوْقَفَ مَنْ شَاءَ عَلى مَا شَاءَ مِنْ أَسْرَارِ مُرَادِهِ وَأَلهَمَ، فَسُبْحَانَ مَنْ حَكَمَ فَأَحْكَمَ، وَحَلل وَحَرَّمَ، وَعَرَّفَ وَعَلمَ، عَلمَ بِالقَلمِ عَلمَ الإِنْسَانَ مَا لمْ يَعْلمْ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لهُ شَهَادَةً تَهْدِي إلى الطَّرِيقِ الأَقْوَمِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولهُ المَخْصُوصُ بِجَوَامِعِ الكَلمِ وَبَدَائِعِ الحِكَمِ، وَوَدَائِعِ العِلمِ وَالحِلمِ وَالكَرْمِ صَلى اللهُ عَليْهِ وَعلى آلهِ وَصَحْبِهِ وَسَلمَ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَهَذِهِ قَوَاعِدُ مُهِمَّةٌ، وَفَوَائِدُ جَمَّةٌ، تَضْبِطُ للفَقِيهِ أُصُول المَذْهَبِ، وَتُطْلعُهُ مِنْ مَآخِذِ الفِقْهِ عَلى مَا كَانَ عَنْهُ قَدْ تَغَيَّبَ.
وَتُنَظِّمُ لهُ مَنْثُورَ المَسَائِل فِي سِلك وَاحِدٍ، وَتُقَيِّدُ لهُ الشَّوَارِدَ وَتُقَرِّبُ عَليْهِ كُل مُتَبَاعِدٍ، فَليُمْعِنْ النَّاظِرُ فِيهِ النَّظَرَ، وَليُوَسِّعْ العُذْرَ إنَّ اللبِيبَ مَنْ عَذَرَ.
فَلقَدْ سَنَحَ بِالبَال عَلى غَايَةٍ مِنْ الإِعْجَال، كَالارْتِجَال أَوْ قَرِيبًا مِنْ الارْتِجَال، فِي أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ وَليَالٍ.
وَيَأْبَى اللهُ العِصْمَةَ لكِتَابٍ غَيْرِ كِتَابِهِ، وَالمُنْصِفُ مَنْ اغْتَفَرَ قَليل خَطَأِ المَرْءِ فِي كَثِيرِ صَوَابِهِ، وَاَللهُ المَسْئُول أَنْ يُوَفِّقَنَا لصَوَابِ القَوْل وَالعَمَل، وَأَنْ يَرْزُقَنَا اجْتِنَابَ أَسْبَابِ الزَّيْغِ وَالزَّلل، إنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ لمَنْ سَأَل، لا يُخَيِّبُ مَنْ إيَّاهُ رَجَا وَعَليْهِ تَوَكَّل.