نهاية الأرب في أخبار الفرس والعرب

مدة قراءة الصفحة : 4 دقائق .
شافيا «1»، حتى دنونا منه الى القارب بما معنا. فخرجنا من البحر، فقسّمنا ذلك الذهب بيننا، وصار اللوح بقسطى. ثم ان انفسنا دعتنا الى العود الى ذلك السّرب، مما يلى ذلك الثقب، فركبنا قاربا، وسرنا فى البحر نحو المكان الذى نزلنا منه. فخفى علينا مكانه، فعلمنا انا لم نرزق الا ما اخذناه. قال: ومكث اللوح عندى حولا، لا اصيب من يقرأه حتى اتانا رجل من اهل صنعاء حمير، كان يحسن قراءة تلك الكتابة، فاخرجت اليه اللوح، فقراه فكانت فيه هذه الابيات «2»: اعتبر ايّها المغرور بالعمر المديد ... انا شداد بن عاد صاحب الحصن المشيد «3» واخو القوة والباساء والملك الحشيد ... دان اهل الارض طرّا لي من خوف وعيد وملكت الشرق والغرب بسلطان شديد ... وبفضل الملك والقوة والعد العديد فاتا هود وكنا فى ضلال قبل هود ... فدعانا لو قبلناه الى الامر الرشيد فعصيناه ونادينا ألا هل من محيد؟ ... فاتتنا صيحة تهوى من الافق البعيد فتوا فينا كزرع وسط بيداء حصيد قال: فسالت علماء حمير عن شدّاد، وقلت لهم: انّما اصيب شدّاد، وقد كان من ارض ارم ذات العماد، فكيف وجدوا شلوه فى تلك المغارة، وهى بحضر موت؟ فقالوا: انّه لما هلك ومن معه بالصيحة على مرحلة من تلك المدينة، ملك من بعده مرثد بن شدّاد، وكان ابوه خلّفه على ملكه بحضر موت. فوجّه من حمل اباه الى حضر موت، فحمل أبوه مطليّا بالصبر والكافور، وامر فحفرت له تلك المغارة، فاستودعوه فيها على ذلك السرير من الذهب. قال: ولما بلغ الامم مهلك شدّاد، انتقصوا «4» على عمّاله الثلاثة: الضحاك بن علوان الذى ملّكه على ولد سام، والوليد بن الريّان الذى ملّكه على ولد حام، وغانم ابن علوان الذى كان مّلكه على ولد يافث. فكتب هؤلاء الملوك الثلاثة الى مرثد بن شداد يعلمونه __________ (1). تاريخ الأصمعى: شاقا (2). هذه الابيات مذكورة معربة مشطّرة صحيحة غير مصحّفة، فى معجم البلدان: م 1 ص 107؛ عدا البيت الأخير (3). النهاية: المشيد (4). النهاية: اتفقوا