تفسير ابن أبي العز جمعا ودراسة

مدة قراءة الصفحة : دقيقة واحدة .
قراءتان1: قراءة من يقف على قوله: {إِلاَّ اللَّهُ} ، وقراءة من لا يقف عندها2، وكلتا القراءتين حق، ويراد بالأولى المتشابه في نفسه الذي استأثر الله بعلم تأويله، ويراد بالثانية المتشابه الإضافي الذي يعرف الراسخون تفسيره، وهو تأويله.
ولا يريد مَنْ وقف على قوله: {إِلاَّ اللَّهُ} أن يكون التأويل بمعنى التفسير للمعنى، فإن لازم هذا أن يكون الله أنزل على رسوله كلاماً لا يعلم معناه جميع الأمة ولا الرسول، ويكون الراسخون في العلم لا حظ لهم في معرفة معناها سوى قولهم: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} وهذا القدر يقوله غير الراسخ في العلم من المؤمنين، والراسخون في العلم يجب امتيازهم عن عوام المؤمنين في ذلك3، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: "أنا من الراسخين في العلم الذين يعلمون تأويله"4 ولقد صدق رضي الله عنه فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له وقال: "اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل" رواه البخاري وغيره5.
ودعاؤه صلى الله عليه وسلم لا يرد.
قال

1 قول المؤلف ((فيها قراءتان)) فيه تجوز في العبارة، والأولى أن يقول: فيها وقفان.
2 قوله ((عندها)) يريد عند كلمة ((العلم)) انظر المكتفى في الوقف والابتدا، ص (194-197) ، وعلل الوقوف (1/361-363) تجد أنهما قد ذكرا الوقفين.
3 انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام (5/35، 36، 234) (13/143، 144) .
وقول من صحح الوقفين هو جمع بين قول من قال: بالوقف على لفظ الجلالة (الله) ، وقول من قال: ليس الوقف على لفظ الجلالة.
انظر القولين في معاني القرآن للفراء (1/191) ، وجامع البيان (6/201، 203) ، والبحر المحيط (2/400) ، والدر المصون (3/29) .
4 أخرجه الطبري في جامع البيان (6/203) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس.
5 أخرجه البخاري في صحيحه مع الفتح برقم (143) بلفظ: "اللهم فقهه في الدين"، وأخرجه مسلم في صحيحه برقم (2477) بلفظ "اللهم فقهه"، وأخرجه الإمام أحمد في المسند (1/266) بلفظ المؤلف هنا، وأخرجه ابن ماجة (1/58) في المقدمة بلفظ "اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب" واللفظ الذي يفيد أنه دعا له بمعرفة التأويل لم يرد في الصحيحين - حسب ما رأيت - لكن الشيخ الألباني صحح حديث ابن ماجة.
انظر صحيح سنن ابن ماجة (1/33) .