تعجَّل مولودٌ ليُمْهَل والدُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
تعجَّل مولودٌ ليُمْهَل والدُ | ولا بِدْعَ قد يحمي العشيرة َ واحدُ |
لقد دافع المفقودُ عنك بنفسه | عُراماً فلا يُحْزنْكَ أنك فاقدُ |
ومن قبلتْ منه الليالي فداءه | فحُقُّ بأن يَلْقيْنَهُ وهو حامدٌ |
على أنَّ من قدَّمْتَ عالٍ مكانُه | بحيث الثريا أو بحيث الفراقدُ |
وما مات منه أسوة َ الناس ميِّتٌ | بل انقضَّ منه المشتَرَى أو عطاردُ |
وما كأخٍ لو خُيِّرْتَ عُرْضَة َ فدية | ولا ولداً يَشربه بالأجْر والدُ |
وما كان لو حُكِّمْتَ جُنَّة َ بذله | ولو حُوذرتْ أنيابُ دهرٍ حدائدُ |
بل النفس تُفْدى النفوس وتُشْتَرَى | فَتُبْذَلُ منها المنفسات التلائدُ |
ولكن أبى إلا افتداء بنفسه | لنفسك جادتْهُ الغوثُ الرواعدُ |
عظيم وَفَى النُّعْمَى عظيماً وماجد | فدى ماجداً لا زال يفديه ماجدُ |
سوى البدر والنجميْن والعِتْرة التي | نُصالحُ فيها دهرَنا ونُفاسدُ |
أولئك كانوا قدوة ً بل مواهباً | فذاد الرّدى عنهم ير الدهر ذائد |
مضى ابنُك والآمال تكنُفُ نعشَه | وتبكيه للمعروف وهْيَ حواشِدُ |
ولو عاش عاشتْ في ذَراه وأَورقتْ | لها من عطاياه غصونٌ موائدُ |
فما عندنا إلا شؤون حوافل | تجود عليه أو عيون سواهدُ |
وإلاّ تأَسِّيْنا مراراً وقولُنا | هو الدهر لا تَبقى عليه الجلامدُ |
قَرَى ما تُمجُّ النحْلُ ثم استردَّه | وأصبح يقْري ما تَمُجُّ الأواسِدُ |
ومن ذاك ذَمَّ الصالحون أمورَهُ | وقالوا جميعاً صالحُ الدهر فاسدُ |
ومن ذاك ما أَولاكه وهو بادئٌ | ومن ذاك ما أَبلاكه وهو عائدُ |
وبيناهُ من فرْط الموالاة قابلٌ | إذا هو من فرط المعاداة عاندُ |
ومن عَقْده عند العطايا ارتجاعُه | وأن يُنْقضَ العقْدُ الذي هو عاقدُ |
وما ابنك إلا من بني النَّشْء والبلَى | لكلٍّ على حوض المنون مواردُ |
وما ابنك إلا مُستعارٌ رَدَدْتَهُ | وكلُّ عَواريِّ الزمان رَدائدُ |
وما ابنك إلا وافد نحو ربه | ومن أوفدتْه عزْمة ُ الله وافدُ |
فإمَّا اشتراه الله منك فما اشترى | ضَنِينٌ بإرغاب ولا باع زاهدُ |
فصبراً فإنَّ الصبر خَيْرُ مغبَّة ً | وهل من مَحْيدٍ عنه إن حاد حائدُ |
وقد فُزْتَ أن أصبحت عبداً مُسلِّماً | لما أوْجبتهُ في الرقاب القلائدُ |
لك الأجر تعويضاً من الله وحده | ومنْ خلْقه حُسْنُ الثنا والمحامدُ |
ولله لطْفٌ في العزاء لعبده | وإن مسّه جَهْدٌ من الحزن جاهدُ |
هو الجارح الآسي ولا شك أنه | سيشفي الحشا المجروحُ ممَّا يكابدُ |
ويحبوك بالعمر الطويل مُتابعاً | لك الرِّفْدَ والمبْتزُّ إن شاء رافدُ |
أخا العلم والحلم اللذين كلاهما | يؤازرُه في أمره ويُعاضدُ |
ألم تك من هذا المصاب بمنظرٍ | لياليَ كان ابن النُّذور يجاهدُ |
ولا تحسبن الرُّزْء لم يك واقعاً | ولا تعتقدْه طارفاً فهو تالدُ |
ونحن بذور الدهرِ والدهرُ زارع | ونحن زروع الدهر والدهرُ حاصدُ |
وتالله ما موْلى ً لمولاه خالد | ولا الحزن من مولى لمولاه خالدُ |
غدا الموت والسُّلْوان حتماً على الورى | كِلا ذا وهذا للفريقين راصدُ |
فلا تجعلنَّ الموت نُكراً فإنما | حياة ُ الفتى سَيْرٌ إلى الموت قاصدُ |
ولا تحسبنَّ الحزن يبقى فإنه | شهاب حرقٍ واقدٌ ثم خامدُ |
ستألفُ فقدان الذي قد فقدته | كإلْفكَ وجْدان الذي أنت واجدُ |
على أنه لابدّ من لذْع لوعة ٍ | تهبُّ أحايينا كما هبَّ راقد |
ومن لم يزل يرعَى الشدائد فكره | على مهلٍ هانت عليه الشدائدُ |
وللشرِّ إقلاعٌ وللهمِّ فَرْجَة ٌ | وللخير بعد المُؤيسات عوائدُ |
وكم أعقبت بعد البلايا مواهبٌ | وكم أعقبت بعد الرزايا فوائدُ |
وكم سِيىء يوماً سيقْفوه صالحٌ | وكم شامت يوماً سيقفوه حاسدُ |
تعزَّ حِجا قبل السُّلُوِّ على المدى | فمثلك للحسنى من الأمر عامد |
وما أنت بالمرء المعلَّم رشدَه | لعمر ولكن قد يذكَّر راشدُ |
وعش في غاءٍ والوزير كلاكما | وكلُّكمُ والدهرُ طوعٌ مساعد |
ترودون منه بين حظَّيْ سعادة | لكم حاصلٌمنها عتيد وواعدُ |
وجَدُّ الذي يَبْغيكُمْ الشرَّ هابطٌ | وجَدُّ الذي يبغيكُم الخيرَ صاعدُ |
وزَارتكُمُ بالمدْح كلَّ قصيدة ٍ | ولا قصدتكم بالمراثي القصائد |
أرى كلَّ مدحٍ قيل فيمن سواكمُ | فليست له إلا البيوتَ مَناشدُ |
وكلّ مديحٍ قيل فيكم فإنَّما | مَناشده دون البقاع المساجدُ |
وما أنكرت تلك المشاهدُ فضلَكم | وهل يُنْكر المعروف تلك المشاهدُ |