أرشيف الشعر العربي

عزاؤكَ أن الدهرَ ذو فَجعاتِ

عزاؤكَ أن الدهرَ ذو فَجعاتِ

مدة قراءة القصيدة : 5 دقائق .
عزاؤكَ أن الدهرَ ذو فَجعاتِ وكلُّ جميعٍ صائرٌ لشَتاتِ
لك الخيرُ كم أبصرتَهُ وسمعتَهُ قرائنَ حيٍّ غيرَ مختلجاتِ
هلِ الناس إلا معشرٌ من سلالة ٍ تعودُ رُفاتاً ثَمَّ أيَّ رفاتِ
مياهٌ مَهينات يؤولُ مآلُها إلى رِمَمٍ من أعظُمٍ نخراتِ
أرى الدهر ظَهراً لا يزال براكبٍ وإن زل لم يُؤْمنْ من العثراتِ
ومن عجبٍ أنْ كلما جدَّ ركضُنا عليه تباعدنا من الطَّلباتِ
وأعجبُ منه حرصُنا كلما خلتْ سنونا كأنا من بني العشراتِ
نُخلِّف مأمولاتنا وكأننا نسيرُ إليها لا إلى الغَمراتِ
غُررْنا وأُنذرنا بدهرٍ أَملَّنا غُروراً وإنذاراً بهاكَ وهاتِ
إذا مَجَّ مجاتٍ من الأَري أَعْقبت بأقصى سهام في أحدِّ حُماتِ
أميْري وأنت المرءُ ينجم رأيهُ فيسري به السارونَ في الظُّلماتِ
وتعصِفُ ريحُ الخطبِ عند هُبوبها وأنت كركنِ الطَّودِ ذي الهَضباتِ
عليك بتقوى اللَّه والصبرِ إنهُ مَعاذٌ وإن الدهر ذو سَطواتِ
وليس حكيمُ القوم بالرَّجل الذي تكون الرزايا عنده نَقماتِ
فُجعَت فلا عادت إليك فجيعة ٌ كما يُفجَع الأملاك بالملِكاتِ
أصِبْتَ وكلٌّ قد أُصيب بنكبة يُهاض بها الماضي من النَكباتِ
فلا تجزعَنْ منها وإن كان مثلها زعيماً بنفرِ الجأشِ ذي السكناتِ
وما نَفْرُ نفسٍ من حلول مصيبة ٍ وقد أيقَنَتْ قِدماً بما هو آتِ
أتوقنُ بالمقدور قبل وقوعِه وتنفِر نفرَ الغِرِّ ذي الغفلاتِ
لقد أونِسَت حتى لقد حان أنسُها بما شاهدت للدهر من وقعاتِ
فما بالها نفرُ الأغرَّاء نفرُها وقد أُنذِرت من قبلُ بالمَثُلاتِ
من احتسبَ الأقدار أيقن فاستوتْ لديه منيخات ومنتظَراتِ
هلِ المرءُ في الدنيا الدنية ِ ناظرٌ سوى فقد حبٍ أو لقاء مَماتِ
ألم تَر غَاراتِ الخطوب مُلِحة ً فبين مُغَاداة ٍ وبين ثباتِ
تروحُ وتغدو غير ذات ونيَّة ٍ على حيوان مرة ومَواتِ
وما حركاتُ الدهرُ في كل طَرفة ٍ بلاهية ٍ عن هذه الحركاتِ
سَيسْقي بني الدنيا كؤوسُ حتوفهم إلى أن يناموا لا منامَ سُباتِ
وفاءٌ من الأيام لا شك غدرُها وهل هنّ منجزاتُ عِداتِ
يَعِدْن بغدر ليس بالمُخلفاته فقُلْ في وفاءٍ من أخي غَدراتِ
تعزَّ بموت الصِّيد من آل مُصْعب تجدهُم أُسى ً إن شئت أو قُدواتِ
تعزَّوا وقد نابتهُمُ كلُّ نوبة وماتوا فعرّوا كل ذي حسراتِ
ومن سُنن الله التي سنّ في الورى إذا جالتِ الأراءُ مُعتبِراتِ
زوالُ أصول الناسِ قبل فروعهم وتلك وهذي غيرُ ذات ثباتِ
ليبقَى جديدٌ بعد بالٍ وكلُّهم سَيبْلَى على الصَّيفاتِ والشَّتَواتِ
وإن زالَ فرعٌ قبل أصلٍ فإنما تُعد من الأحداث والفَلتاتِ
وتلك قضايا اللَّه جلَّ ثناؤه وليست قضايا اللَّه بالهفَواتِ
ليُعلَم ألا موتَ ميتٍ لكَبْرة ٍ ولا عيش حيٍّ لا قتبال نباتِ
وتقديمُ من قَدَّمت شيءٌ بحقهِ فَدَعْ عنك سَحَّ الدمع والزفراتِ
ولا تَسخِط الحقّ الذي وافق الهدى هوى من له أمسيتَ في كُرُباتِ
رُزئتَ التي ودَّت بقاءَك بعدها وأحيت به في ليلها الدعواتِ
وكانت تَمنَّى أن تُردَّى سريرها وبعضُ أمانيِّ النفوس مُواتي
فلا تكرهْنَ أن أوتِيَتْ ما تودُّه فكرهُك ما ودت من النكراتِ
ألم تر رُزءَ الدَّهر من قبل كونهِ كفاحاً إذا فكرتَ في الخلواتِ
بلى كنتَ تلقاهُ وإن كان غائباً بفكرك إن الفِكرَ ذو غزواتِ
فما لك كالمَرميِّ من مأمنٍ لهُ بنَبْلٍ أبَتْه غيرَ مُرتقباتِ
زَعِ القلب إن الفاجعاتِ مصائبٌ أصابت وكانت قبل مُحتسَباتِ
فإن قلتَ مكروهٌ ألمت فُجاءة ً فما فوجئت نفسٌ مع الخطراتِ
ولا غوفصت نفسٌ ببلوى وقد رأت عِظاتٍ من الأيام بعد عظاتِ
إذا بغتَتْ أشياءُ قد كان مثلها قديماً فلا تعتدَّها بغَتَاتِ
جزعتَ وأنت المرءُ يوصف حزمُهُ ولا بد للأيقاظِ من رَقَداتِ
فأعقِبْ من النوم التنبُّهَ راشداً فلا بد للنُّوام من يقظاتِ
ومَن راغم الشيطانَ مثلك لم يُجبْ رُقاهُ ولم يَتْبع له خُطواتِ
ومما ينسِّيك الأسى حسناتُها وإن كنت منها يا أخا الحسناتِ
فإن ثوابَ اللَّه في رُزء مثلها لِقاؤُكَها في أرفع الدرجاتِ
وذاك إذا قضَّيتَ كلّ لُبانة ٍ من المجد واستمتعتَ بالمُتُعاتِ
مضت بعدما مُدَّتْ على الأرض برهة ً لتُمجِدَ من فيها من البركاتِ
فإن تكُ طوبى راجعت أخواتها فقد زوِّدت من طيّب الثمراتِ
لعَمرك ما زُفت إلى قعر حفرة ٍ ولكنها زُفت إلى الغُرفاتِ
ولولاك قلنا من يقومُ مقامها ومن يؤثِر التقوى على الشبهاتِ
سقاها مع الدمع الذي بُكِيَتْ به حيا الغيثِ في الروحات والغدواتِ
وصلّى عليها كلما ذرَّ شارقٌ وحان غروبٌ صاحبُ الصلواتِ

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (ابن الرومي) .

يا بن حربٍ كسوتني طيلساناً

يا حامدَ اللَّهِ إذ لم يَكسُهُ نِعَماً

أتصَاب إلى ذوي إسعادِهْ

أحمل الوزرَ والأمانة َ والدي

امامك فانظرْ أيّ نهجْيك تنهجُ


المرئيات-١