أرْضَى بصورتهِ وصَدَّ فأغْضَبَا
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أرْضَى بصورتهِ وصَدَّ فأغْضَبَا | فغدا المحبُّ منعَّماً ومعذَّبا |
يا وجهَ من أهوى لقد أعْتَبتني | لو أن نائلَهُ الممنَّع أعتبا |
ظبيٌ كأنَّ اللَّه كمل حسنَهُ | ليغيظ سِرْباً أوْ يُكايِدَ رَبْرَبَا |
خَنِث الدلال إذا تَبهنَس أوثَقَتْ | حركاتُه وإذ تكلَّم أطربا |
ذو صورة ٍ تحلو وتَحْسُن منظراً | ومَراشفٍ تصفو وتعذب مشربا |
فإذا بدا للزَّاهدين ذوي التُّقَى | وَجَدَتْ هناك قلوبُهُمْ مُتَقلَّبا |
مُتَوَشِّحٌ بِمعَاذتين يخيفُهُ | ما لا يُخاف وقد سبى مَنْ قد سبى |
مُتَسَلِّحٌ للعين لا مُتزَيِّن | إلا بما طبع الإله وركَّبا |
قاس الملابِسَ والحُليَّ بوجهه | فرأى محاسن وجهه فتسلَّبا |
أغناهُ ذاك الحسنُ عن تلك الحُلي | وكفاه ذاك الطِّيبُ أن يتطيَّبا |
فغدا سليباً غير أن ملابساً | يَحْمينَه الأبصارَ أن يُتنَهبَا |
ويقينَهُ بردَ الهواءِ وحرَّهُ | إن أصْرَدَ العَصْرَان أو إن ألهبا |
يُكْسَى الثياب صيانَة ً وحجابة ً | وهو الحقيق بأن يصان ويحجبا |
كالدرَّة الزهراء ألبِسَ لونُها | صَدفاً يُغَارُ عليه كي لا يَشْحَبَا |
ومن العجائب أن يُرَى متعوِّذاً | من عين عاشقِهِ أَلاَ فَتَعَجَّبَا |
أيخافُ عَيْنَيْ من قُتلْتُ بحبِّهِ | قَلَبَ الحديث كما اشتهى أن يُقْلَبَا |
لاقيت من صُدْغٍ عليه مُعَقْرَب | أفْعى تبرِّحُ بالفؤاد وعقربا |
يكسوهُ صورة مخلبٍ فكأنما | يُنْحى على كبدي وقلبي مخلبا |
إني لأرجو بالخليقة ِ شِبْهَهُ | مما أحل لنا الإله وطَيَّبَا |
أو ما ترى فيما أباح محمدٌ | عما حماهُ من الخبائث مَرْغبا |
لا سيما وقد اكتهلتُ وقد تَرى | ورع الإمام وبأْسَهُ المتهيَّبا |
أضحتْ أمورُ الناسِ عند مصيرها | في كف من حامى وجاد وأدَّبَا |
ديناً تكهَّل فاسْتقام صِرَاطُه | ومَعَاشَ دنيا للأنام تسبَّبا |
اللَّه أكبرُ والنبيُّ محمدٌ | وابنُ الخليفة ِ غالبٌ لن يُغلَبا |
رُزق الإمامُ بِعَقْب هُلْك عدوِّهِ | ولداً أطاب به الإمام وأنجبا |
صدقتْ بشارَتُهُ وأفلح فألُه | هَلَكَ العِدا ونجا الإمام وأَعقبا |
أحيا لنا أملاً وأردى مَارقاً | قد كان لفَّفَ للفساد وألَّبا |
لا زال من والى الإمام وَوُدَّهُ | يحيا ومن عاداه يلقى معطبا |
للَّه من ولدٍ أتى وربيعُنا | مُسْتَحكمٌ وجَنَابُنَا قد أخصبا |
ضحك الزمان إليه ضحْكَة َ قائلٍ | يا مرحباً بابن الخليفة مرحبا |
فغدا ومولدُهُ بشيرٌ كلّهُ | بالنصر لم يكُ مثلُهُ لِيُكذَّبا |
ذكرٌ أغرّ كأنَّ غرة وجهِهِ | رَأْيُ الإمام إذا أضاء الغيهبا |
ضَمِنَ النجابَة َ عنهُ يومَ وِلادهِ | قمرٌ وشمسٌ أَدَّياهُ وكوكبا |
وافى الإمامُ وقد أجدَّ رحيلُهُ | عَضُداً يُعين على الخطوب ومنكبا |
حقاً لقد نطقَ البشيرُ بيمنهِ | ولربما نطق البشير فأعربا |
فألٌ لعمرك لم أَعِفْهُ ولم أَعِفْ | منه البريح ولا النَّطيحَ الأعضبا |
ورأيتُهُ القُمْرِيَّ غرّد في ذُراً | خضراء يانِعَة ِ الجنَى لا الأخطبا |
ما قُوبلَتْ رِجَلُ الملوك بمثلهِ | إلا ليملك مشرقاً أو مغربا |
فَلْيُمْضِ عزمَتَهُ الإمامُ فإنه | قد هزَّ منها مَشْرَفِيَّاً مِقْضَبَا |
فاليمنُ مقرونٌ به عونٌ له | ظِلٌّ عليه إذا الهَجير تَلهَّبا |
والليثُ في الهيجاء لابُس جُنَّة ٍ | من نفسه تكفيه أن يتأهَّبا |
واللَّهُ واقيهِ الردى ومُسَهِّلٌ | ما قد رجا ومذَلِّلٌ ما استصعبا |
هي فرصة ٌ سنحت ونعمى أقبلت | وغنيمة أَزِفَتْ وصيد أَكثبا |
وافى هزبرٌ بالحديقة مِسْحَلاً | وأظلَّ صقر بالبسيطة أرنبا |
وجَدَ السنانُ من الطريدة مَطْعَناً | ورأى الحسامُ من الضريبة مَضْرِبَا |
لا يهلِكنَّ على الخليفة هالكٌ | قد أرْغَبَ الناسَ الإمامُ وأرهَبا |
هو عَارِضٌ زَجلٌ فمن شاء الحيا | أرضى ومن شاء الصواعق أغضبا |
ملك إذا اعتسف الملوك طريقَهم | في ملكهم ركب الطريق السَّبْسَبَا |
أعلاهُ طَوْلٌ أن يُرى متكبِّراً | وحماه عزٌّ أن يُرَى مُتَسَحِّبَا |
نَمْتَاحُ منه حَاتميَّاً ماجداً | ونُثير منه هاشمياً قُلَّبَا |
يهتزُّ حينَ يُهزُّ لَدْناً ناعماً | وإذا قَرَعتَ قرعت صلدا صُلَّبَا |
ما زال قدماً عُرْفُهُ متوقَّعاً | لعَفاته ونكيرُهُ مترقّبا |
والعفُو منه سجية ٌ لكنه | يعفو إذا ما العفو كان الأَصْوبا |
فإذا جَنَى جانٍ تَغَاضَتْ عَيْنُهُ | عن ذنبه فكأنه ما أذنبا |
وإذا تتابع في الخيانة أهلُها | جَدع الأنُوف ما الجباه فأَوْعبا |
فأنا النذير به لغامِطِ نعمة | وأنا البشير بِهِ لحرٍّ أجدبا |
يا ناظمي مِدَحَ الإمام وطالبي | نفحاتِ نائِلِه ذهبتم مذهبا |
وافَى مَصابٌ من سَحَابِ رِيّه | ورأى سحابٌ في مَصَابٍ مَسْكَبا |
أمَّا عِداه فما أصابوا مَهْرَبا | ومؤمِّلوه فقد أصابوا مطلبا |
خطب السؤال إلى العُفاة ولم يكن | لولا مكارمُه السؤال ليُخطبَا |
ورمى نحورَ الخائنين بسهمهِ | وتِراسُهم قَدَرُ البقاءِ فما نبا |
ومتى أراد اللهُ قصَّرَ مدة ً | وإذا قضى فأراد أمراً عَقَّبا |
وأقولُ قولَ مسدَّدٍ في زجرهِ | يقضي القضية لم يكن ليؤنَّبا |
سيطول عمرُ إمامنا في غبطة | حتى يواكبَ من بنيه موكباً |
مقلوبُ كنيتهِ يُخَبِّر أنه | سيُرى لسابِع سبعة غُرٍّ أبَا |
حتى تراه في بنيه قد احتبى | فَيُخال يذبُلَ في الهضاب قد احتبى |
ولقد أتاه مُبَشِّران بخمسة ٍ | ردَّ الإلهُ على الإمام الغُيَّبا |
ليرى الإمام تكهني وتَطَيُّبي | فلقد تكهن عبدُهُ وتطيَّبا |
إني وجدت له فُئُولاً جمَّة ً | منه ولم أزجُر كغيري ثعلبا |
حقُّ الخليفة ِ أن أُطيلَ مديحَهُ | لكنني أوجزتُ لما أطنبا |
طالت يداهُ على لساني فانتهتْ | تلك البلاغة ُ فانتهَيْتُ وأَسْهَبا |