أيا ملكَ الأملاكِ قد جاءني الذي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أيا ملكَ الأملاكِ قد جاءني الذي | حبَوْتَ به من نعمة ٍ وتعهُّدِ |
وأرسلتَ تستدعي المديحَ وإنّه | لرأسيَ تاجٌ والسواران في يدي |
ولم يكُنِ التَّشريفُ لي دَرَّ درُّه | سوى خزّ أثوابي ودرَّ مقلدي |
وما أخَّرَ النَّظْمَ الّذي كنتَ خاطباً | به بينَ هذا الخلق في كلِّ مَشْهدِ |
سِوى مرضٍ حُوشيتَ منه وإنّني | لراضٍ بأنِّي للأَذى عنك مُفْتَدِ |
وحالَ عن التَّجويدِ ما قد شَكوتُه | ولم أرضَ قولاً فيكَ غير مجوَّدِ |
وليس لمعقولِ اللِّسانِ مقالة ٌ | تقالُ ولا مشيٌ لرجلِ المقيدِ |
و كيف اطراحي مدحَ من كان مدحه | به الدَّهرَ تَسبيحي وطولُ تهجُّدي؟ |
أصولُ به فعلاً على كلِّ فاعلٍ | و أزهى به قولاً على كل منشدِ |
وكم ليَ في مدحي عُلاكَ قصائدٌ | فَضَلْنَ افتخاراً نَظْمَ كلِّ مُقصِّدِ |
يسرن على الأكوار شرقاً ومغرباً | و يقطعن فينا كلَّ برٍّ وفدفدِ |
ويُطْربْنَ مَن أَصغَى لهنَّ بسمِعه | كما أطربتْ ذا الخمرِ ألحانُ معبدِ |
فإنْ غرَّد الشادي بهنَّ تنعُّماً | تناسيتَ تغريدَ الحَمامِ المغرِّدِ |
خدمتُكَ كهلاً مُذ ثلاثون حجة ً | أروح بما ترضاه مني وأغتدي |
ولم تكُ منِّي هفوة ٌ ما اعتمدتُها | فكيف لما تأتي يدُ المتعمدِ ؟ |
و ما كان إلا في رضاك تشمري | ولا كان إلاّ في هواك تَجرُّدي |
تنامُ الدُّجَى عنِّي وأقطعُ عُرضَه | دعاءً بما تَهْوَى بجَفْنٍ مُسَهَّدِ |
و أعلمُ أني مستجابٌ دعاؤه | لصادقِ إِخلاصِي ومحضِ تَوَدُّدي |
و كنتَ ملكتَ الرقَ منيَ سالفاً | فخذْ رِبْقَتي عفواً بملكٍ مُجدَّدِ |
فأما موالينا بنوك فإنهمْ | علَوْا في سماءٍ للعُلا كلَّ فرقدِ |
سيوفُ غوارٍ بيننا وتسلطٍ | كهوفُ قرارٍ بيننا وتمهدِ |
همُ ورثوا تلك النجابة َ فيهمُ | كما شئتها عن سيدٍ بعد سيدِ |
حُسدتَ بهمْ لمّا تَناهَى كمالُهمْ | و لا خيرَ فيمن عاش غيرَ محسدِ |
و كم لهمُ في الملكِ من عبقٍ به | و من مرتقى ً عالي البناءِ مشيدِ |
وتُعرَفُ فيهمْ من شمائلك التي | بَهرتَ بها آثارَ مجدٍ وسؤدُدِ |
ولم تَرمِ لمّا أنْ رميتَ إلى المنى | بهمْ أَسهماً إلاّ بسهم مُسدَّدِ |
فلا زلتَ مكفياً بهمْ كبلَّ ريبة ٍ | ولا زلتَ فيهمْ بالغاً كلَّ مَقْصِدِ |
وإِنَّك من قومٍ إذا شَهدوا الوغَى | فما شئتَ من عانٍ بها وفتى ً ردِ |
ومن أبيضٍ عندَ الضِّرابِ مُثلَّمٍ | و من أسمرٍ عند الطعان مقصدِ |
أبَوْا أن يسدُّوا عن عظيمِ أناتِهِ | وأن يُحجموا عن جاحمٍ متوَقِّدِ |
وأن يرجعوا إلاّ بشملٍ مجمَّعٍ | جنوه لهمْ من كفَّ شملٍ مبددِ |
ولم يُرَ فيهمْ والمخاوفُ جمَّة ٌ | مولٍّ إلى أمنٍ ولا من معردِ |
ولم يَرْتَوُوا إلاّ بما سالَ بالقَنا | كما يرتوي بالماءِ من عطشٍ صدِ |
و دمْ أبداً للمجدِ والحمدِ والندى | تعومُ انغماساً في بقاءٍ مُخلَّدِ |
وإن رامَ دهرٌ أنْ يسوءَك صرفُه | فأصغَى بمصلومٍ وعضَّ بأدْرَدِ |
و لا طلعتْ يوماً على دولة ٍ بها | بلغنا بها إلاّ كواكبُ أسعدِ |