صبراً على أشياءَ كُلِّفْتُها
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
صبراً على أشياءَ كُلِّفْتُها | أُعْقِبْتُها الآنَ وسُلِّفْتُها |
ويح القوافي ما لها سَفْسَفتْ | حَظِّي كأَنِّي كنتُ سَفْسَفْتُها |
ألمْ تكُن هوجاً فسدَّدْتُها | ألم تكن عوجاً فَثَقَّفْتُهَا |
كم كلماتٍ حكْتُ أبْرادَهَا | وَسَّطْتُها الحسْنَ وطَرَّفْتُهَا |
ما أحْسَنَتْ إن كنتُ حَسَّنْتُهَا | ما ظَرَّفَتْ إن كنت ظرَّفْتُها |
أنْحتْ على حظِّي بمِبْرَاتِهَا | شكراً لأني كنتُ أرهَفْتُهَا |
فرقَّقَتْهُ حين رقَّقْتُها | وهفْهَفَتْهُ حين هفهَفْتُهَا |
وكثَّفتْ دون الغنى سدَّها | حتّى كأنِّي كنتُ كثَّفْتُها |
أحلِفُ باللَّه لقد أصْبَحتْ | في الرزق آفتي وما إفْتُها |
لمْ أُشكِهَا قطّ بِتَقْصِيرَةٍ | فيها ولا من حَيْفَةٍ حِفْتُهَا |
حُرِمتُ في سنِّي وفي مَيْعَتي | قِرَايَ من دنيا تَضيَّفْتُها |
لَهْفي على الدنيا وهل لهفةٌ | تُنْصِفُ منها إن تلهَّفْتُهَا |
كم أَهَّةٍ لي قد تأوَّهْتُهَا | فيها ومن أُفٍّ تأففتها |
أغدُو ولا حالَ تَسَنَّمْتُها | فيها ولا حال تَرَدَّفْتُهَا |
أوسعتُها صبراً على لؤْمِها | إذا تَقَصَّتْهُ تَطرَّفْتُهَا |
فَيُعْجِزُ الحيلةَ منْزُورُها | إلا إذا ما أنا لطَّفْتُها |
قُبحاً لها قبحاً على أنَّهَا | أقبحُ شيءٍ حين كشَّفْتُها |
تَعَسَّفَتْني أنْ رَأتْني امرَأً | لم ترني قَطُّ تَعَسَّفْتُها |
تَضَعَّفَتْني ومتَى نالني | عونُ أبي الصَّقْرِ تَضَعَّفْتُهَا |
أرجوه عن أشياء جرَّبتُهَا | وليس عن طير تَعَيَّفْتُهَا |
مقدارُ ما يُلْبِثُ عنِّي الغِنَى | إشارةُ الإصْبع أوْ لَفتُهَا |
سَلَّيْتُ نفسي بأفاعِيله | من بعد ما قد كنت أسَّفْتُهَا |
وقد يعزّيني شباباً مضى | ومدَّةً للعيشِ أسلفْتُهَا |
فكَّرتُ في خمسين عاماً خَلَتْ | كانتْ أمامي ثم خلَّفْتُهَا |
تَبَيَّنَتْ لي إذ تَذَنَّبْتُهَا | ولم تَبيَّنْ إذا تأنَّفْتُهَا |
أجهلتها إذ هي موفورةٌ | ثم نَضَتْ عني فعُرِّفْتُها |
ففرحَةُ الموهوب أعدِمتُها | وترحةُ المسلوب أردفْتُها |
لو أن عمري مائةٌ هَدَّني | تذكُّري أنِّيَ نَصَّفْتُها |
فكيف والآثارُ قد أصبحت | تُرجف بالعمر إذا قِفْتُها |
كنزُ حياةٍ كانَ أنفقتُهُ | على تصاريفَ تصرَّفْتُها |
لا عُذر لي في أسفي بعدها | على العطايا عفتها عفْتُها |
إلا بلاغاً إن تأبَّيتَهُ | أشقيت نفسي ثم أتلفْتُها |
قوتٌ يُقيم الجسم في عفّةٍ | أشعِرتُها قِدْماً وألحفْتُها |
وقد كددتُ النفس من بعدما | رفَّهتها قدماً وعَفَّفْتُها |
لا طالباً رزقاً سوى مُسْكةٍ | ولو تعدّت ذاك عنَّفْتُها |
طالبتُ ما يمسكها مُجملاً | فطفتُ في الأرض وطوَّفْتُها |
وناكدَ الجَدُّ فمنّيتُها | وماطلَ الحظ فسوَّفْتُها |
وإن أراد اللَّهُ في ملكهُ | جاوزت خَمْسِيَّ فأضعفْتُها |
بقدرة اللَّه ويُمْنِ امرئٍ | نعماه عُمْرٌ إن تَلَحَّفْتُها |
فيها مَرادٌ إن تَرعَّيتُها | وأيُّ حِرز إن تكهَّفْتُها |
يا واحد الناس الذي لم أجد | شَرواهُ في الأرض التي طُفْتُها |
إليك أشكو أنني طالبٌ | خابت رِكابي منذ أَوجفْتُهَا |
أصبحتُ أرجوك وأخشى الذي | جَرَّبتُ من حالٍ تسلَّفْتُها |
فاطرُدْ ليَ الحرفةَ وادعُ الغِنى | واذكر سُموطاً كنت ألَّفْتُها |
مَدائحٌ بالحق نمَّقتُها | وليس بالباطل زخرفْتُها |
أعتدُّها شكوى تشكيتها | إليك لا زُلفى تَزلَّفْتُها |
وكيف أعتدُّ بها زُلفةً | وإن تعمَّلتُ فأحصفْتُها |
ولم أُشرِّفك بها بل أرى | بالحق أني بك شرَّفْتُها |
ومن مَساعٍ لك ألَّفتها | لا من مساعي الناس لَفَّفْتُها |
تعاوَرَتْها فِكَرٌ جمةٌ | أنضيتُها فيك وأزحفْتُها |
وأنت لا تَبْخَسُ ذا كُلفةٍ | لا بَلْ ترى أن الغنى رَفْتُهَا |
بحقِّ من أعلاك فوقَ الورى | إحلافةً بالحق أحلفْتُها |
لا تُخطئَنّي منك في موقفي | سماءُ معروف توكّفْتُها |
أنت المُرجَّى للتي رُمتها | أنت المرجى للتي خِفْتُها |
كم بُلغةٍ ما دونها بُلغةٌ | قد نافرَتْني إذ تألَّفْتُها |
فرُحتُ لا أرجو ولا أبتغي | وتاقت النفسُ فكَفْكَفْتُها |
حُملتُ من أمري على صعبةٍ | خلَّيْتُها إذ عزّني كَفْتُها |
بل خِفْتُ من كنتُ له راجياً | ورجَّتِ النفسُ فخوّفْتُها |
ولم أخفْ في ذاك أنّي متى | وعدتُها رِفدَك أخلفْتُها |
لكنني أفرَقُ من حِرْفةٍ | أنكرتُ نفسي منذ عُرِّفْتُها |
أقول إذ عنَّفني ناصحٌ | في رفض أثمادٍ ترشَّفْتُها |
إن أبا الصقر على بُعدِه | داني العطايا إن تكفَّفْتُها |
ثمارُهُ في شُمِّ أغصانِهِ | لكنني إن شئتُ عَطَّفْتُها |
لا كَثمارٍ سُمتُ أغْصانَها | إدْناءها مني فقصَّفْتُها |
لِبَابِهِ المعمورِ أُسْكُفَّةٌ | لَتُعْتِبَنِّي إن تسكَّفْتُها |
الآنَ أسلمتُ إلى نعمةٍ | غنّاء نفساً كنت أقشَفْتُها |
قد وعدتني النفس جدوى له | إن شئت بعد اللَّه وظَّفْتُها |
تاللَّه لا يَقْصُرُ دون المنى | قِرَى سجاياه التي ضِفْتُها |
نُعمى أبي الصقر التي استبشرتْ | نفسي بريَّاها وقد سُفْتُها |
خُذها ولا تَبْرَم بها إنني | قرَّطتُها الحسنَ وشنَّفْتُها |
بَيِّنَةً من منطق محكمٍ | فَنَّنْتُهَا فيك وصرَّفْتُها |
كم نظرةٍ فيها تَقَصَّيتها | كم وقفةٍ فيها توقَّفْتُها |
بمجد آبائك أسَّستُها | ومجدِ آلائك شرَّفْتُها |
ضَوَّعتُ فيكم كل مشمولة | لكنني من مسككُمْ دُفْتُها |
ولم أدعْ في كلّ ما زانها | فلسفةً إلا تفلسفْتُها |
إن كنتُ بالتطويل كمَّيتُها | فليس بالتثبيج كيَّفْتُها |
لو أن خدّي كان أهلاً لهُ | واستهدفَتْ لي لتَهدَّفْتُها |
يا من إذا صُغتُ أماديحَه | جَوَّدتُها فيه وزيّفْتُها |
لو أنها ليلٌ لَنوَّرتُهُ | باسمك أو شمسٌ لأَكْسفْتُهَا |