عنوان الفتوى : الرد على من زعم أن اللحية شرعت لمخالفة غير المسلمين

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل تربية اللحية فريضة على كل رجل أم أنها مستحبة من باب الحب لرسول الله؟ وما الرد على من يقول إنها كانت واجبة في بداية الإسلام لمخالفة غير المسلمين أما الآن فإن العادات اختلفت؟ وجزاكم الله عنا خيراً.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالراجح من أقوال العلماء أن حلق اللحية حرام وتركها واجب، كما مضى بيانه في الفتاوى التالية: 3198، 3707، 30170، 29828. يتبين من هذه الأجوبة أدلة وجوب إعفاء اللحية، مع بيان الضرورة المبيحة للأخذ منها أو حلقها، ولتعلم أن النص الشرعي إذا أثبت حكما، فإن العمل به يستمر إلى يوم القيامة على نفس الصورة دون إسقاط أو تخفيف أو زيادة؛ إلا إذا نُسخ في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، أما بعد وفاة الرسول فلا يتصور النسخ أصلاً، قال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً [المائدة:3]. وما يزعمه بعض من لا حظَّ له من العلم من أن بعض الأحكام نزلت لأسباب معينة، والحكم يوجد حيث يوجد سببه، أما إذا زالت الأسباب، فلا يجب العمل بالحكم حينئذ، فنقول له: زعمك هذا باطل، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما هو مقرر عند علماء الملة، قال النووي في المجموع: فالتمسك بعموم اللفظ لا بخصوص السبب على المختار عند أصحابنا وغيرهم من أهل الأصول. انتهى. وقال ابن الشاطّ في إدرار الشروق على أنواء الفروق: العبرة عند الفقهاء والأصوليين بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فيستدلون أبداً بظاهر العموم وإن كان في غير مورد سببه. انتهى. وقال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب عند عامة العلماء. انتهى. ويمثل العلماء لهذا بسنية الرمَل والاضطباع في الطواف، مع أنه ورد على سبب، وهو إغاظة مشركي مكة حينما يظهر لهم النشاط من الصحابة رضي الله عنهم في الطواف متمثلاً في هذين الفعلين، ورغم زوال السبب فقد بقي الحكم إلى يوم القيامة، قال الزركشي في البحر المحيط: وترجيحهم الميل إلى تعميم الحكم كما في الرمل والاضطباع في الطواف، وجعل الرافعي منه أن العرايا لا يختص بالمحاويج على الصحيح، وإن كان سبب الرخصة ورد في المحاويج تمسكاً بعموم الأحاديث. انتهى. وليُعلم أن من قال مثل المقال المذكور في السؤال مع علمه بالحكم الشرعي دون شبهة يكون كافراً، لأنكاره أمراً واجباً بالشرع، إذ الأحكام الواردة في شريعة الإسلام الأصل فيها الأبدية، لأنه لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم، ولا شريعة تعقب شريعته، والله نسأل لجميع المسلمين الهداية والتوفيق والسداد والرشاد. والله أعلم.