عنوان الفتوى : هل يصح أن يقال للإنسان كن يد الله المانحة للبر .. وكن رحمة الله إلى خلقه

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

كتبت هذا المنشور على صفحتي على فيسبوك: "كلما استطعت، كُنْ يَدَ الله المانحة للبرّ التي تفتح لكل خير وتغلق كلّ شر فطوبى لمن جعله الله مفتاحًا لكل خير، مغلاقًا لكل شرّ كُنْ يَدَ الله التي تضع بذور السعادة في النفوس القاحلة التي أظمأتها خطوب الحياة كُنْ رحمةَ الله إلى خلقه لا تتردد ولا تتوقف في نشر الخير، فكم من نفوس باتت لا يعلمُ حاجتها إلا خالقها "يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف" ابحث عنهم واقض حوائجهم، حتى وإن لم تكن لك حاجة عندهم فإن لله عبادًا اختصهم بالنعم لمنافع العباد، فإن هم منعوها عباد الله، نزعها الله عنهم وحوّلها إلى غيرهم." وأنا أقصد بكلمة (يد الله) أي قدرته ورحمته وإرادته وحكمته جلّ وعلا ولا أقصد بها يده سبحانه التي أثبتها لنفسه، والتي هي في حقنا العضو والجارحة فقال لي من أحسبه على خير وعلم لا تجمع بين مخلوق مع الخالق في صفته ولا تضع نفسك في إشكالات . السؤال: ما مشروعية القول لأحدهم (كن يد الله) بمعنى رحمته وقدرته وإرادته للحث على فعل الخير؟ رفع الله قدركم وزادكم ونفع بكم

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله

أولا:

لا يصح أن يقال للمخلوق: كن يد الله المانحة للبرّ، لأنه لا يجوز أن ينسب شيء إلى الله تعالى أو يضاف إليه إلا ما جاء منصوصا في كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

ولأن هذا قد يفهم منه أن (يد الله) الثابتة له في النصوص، هي القدرة أو القوة، وهذا خلاف الحق، فإن يد الله تعالى صفة من صفاته على الحقيقية، غير القدرة والنعمة.

قال ابن عبد البر رحمه الله: " أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة، والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئاً من ذلك ولا يحدّون فيه صفة محصورة" انتهى من التمهيد (7/ 145).

ثانيا:

أما القول: كن رحمة الله إلى خلقه، فلا نرى مانعا منه، أي كن رحيما بالناس، محسنا إليهم ، فتكون بذلك من رحمة الله المخلوقة ، التي جعلها بين عباده، فإن رحمة الله نوعان: رحمة هي صفته القائمة به، ورحمة مخلوقة أنزلها بين عباده، وهي المذكورة فيما روى البخاري (6469) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:  إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً، فَلَوْ يَعْلَمُ الكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْئَسْ مِنَ الجَنَّةِ، وَلَوْ يَعْلَمُ المُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ العَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ النَّارِ .

ورواه مسلم (2725) بلفظ:  إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامِّ، فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا، وَأَخَّرَ اللهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .

فالإنسان إذا أحسن إلى عباد الله ورحمهم، كان رحمة من الله، فلا يظهر حرج أن يقال له: كن رحمة الله إلى خلقه، ليعطف عليهم ويرحمهم.

وبكل حال؛ فلقد نصحك صاحبك ، وأشار عليك بالرأي السديد ؛ أن تنأى بنفسك عن مثل هذه "المضايق" ، وتدع هذه "الإشكالات" و"المشتبهات" ؛ خاصة مع عموم الجهل ، وقلة الفهم ، وفي أساليب البلاغة المتنوعة ، مندوحة عن مثل هذا ؛ فدع ما يَريبك ، إلى ما لا يريبك .

والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...