عنوان الفتوى : لا تجوز صلاة الجنازة على المشرك شركا أكبر .

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل تجوز صلاة الجنازة على : الساحر (لا أحد يعلم أنه ساحر إلا كاتب هذا السؤال) المنافق (لا أحد يعلم أنه منافق إلا كاتب هذا السؤال) المشرك شركاً أكبر (لا أحد يعلم عن حالته تلك إلا سائل هذا السؤال) وهل يختلف الأمر إن كان قريباً كأن يكون أباً أو أمّا أو أخاً.. الخ ؟ ومن هم الذين لا يجب أن تصلى عليهم صلاة الجنازة ؟ وما الدليل ؟

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق


الحمد لله
أولاً :
صلاة الجنازة لا تجوز على المشرك ، والكافر ، والمنافق نفاقا أكبر، فمن علم نفاق شخص أو كفره : حرم عليه أن يصلي عليه ، أو أن يستغفر له بعد موته ، سواء كان قريبا له أم لم يكن .
قال أبو إسحاق الشيرازي رحمه الله في " المهذب " (1/ 250):
" وإن مات كافر لم يصل عليه ، لقوله عز وجل: (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ) التوبة/84، ولأن الصلاة لطلب المغفرة ، والكافر لا يغفر له، فلا معنى للصلاة عليه " انتهى.
وقال النووي رحمه الله:
" وَأَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِ الصَّلَاةِ عَلَى الْكَافِرِ " انتهى من "المجموع "(5/ 258) .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (41/ 21):
" كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَيَسْتَغْفِرُ لَهُمْ، حَتَّى نَزَل قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ) . فَلَمْ يَكُنْ يُصَلِّي عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَلاَ يَسْتَغْفِرُ لَهُمْ.
وَكَانَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ صَلَّى عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَافِقٌ ، وَمَنْ عُلِمَ أَنَّهُ مُنَافِقٌ لَمْ يُصَل عَلَيْهِ.
وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا مَاتَ مَيِّتٌ لَمْ يُصَل عَلَيْهِ ، حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَيْهِ حُذَيْفَةُ ؛ لأِنَّ حُذَيْفَةَ كَانَ قَدْ عَلِمَ أَعْيَانَ الْمُنَافِقِينَ " انتهى .

ولما استغفر النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالب بعد موته ، نهاه الله عن ذلك ، بقوله : (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ * وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) التوبة/113-114 .
وكذلك الساحر الذي يستعين بالجن في سحره ، فإنه كافر لا تجوز الصلاة عليه .

وقد سئل الشيخ ابن باز عن حكم الصلاة على الساحر ودفنه في مقابر المسلمين بعد قتله.
فأجاب : " إذا قتل لا يصلى عليه ، ولا يدفن في مقابر المسلمين ، يدفن في مقابر الكفرة ، ولا يدفن في مقابر المسلمين ، ولا يصلى عليه ، ولا يغسل ولا يكفن " .
انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (8/ 111) ، وينظر الفتوى رقم : (13941) .

ثانيا :
قول السائل : إنه لا أحد يعلم أن هذا الشخص منافق أو ساحر أو مشرك إلا هو ، قد يكون فيه التسرع في إثبات هذه التهم ، والواجب هو التثبت ، وقد يكون حكم عليه بالنفاق لكونه وجد فيه علامة من علامات المنافقين ، كالكذب في الحديث ، وهذا لا يكفي لإخراج المسلم من الإيمان والحكم عليه بأنه منافق نفاقا اعتقاديا .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" النفاق نوعان: نفاق اعتقادي، ونفاق عملي، فالنفاق الاعتقادي محله القلب ، ولا يعلم به إلا الله، ولهذا بعض الصحابة الذين حصل منهم المخالفة، فقال عمر: إنه نافق، فعارضه الرسول صلى الله عليه وسلم.
فالنفاق الاعتقادي محله القلب، ولا يجوز أن يرمي الإنسان به أحداً من المسلمين، وأهل الولاء لله ورسوله إلا ببينة واضحة.
والنفاق العملي: أن يأتي الإنسان خصلة من خصال المنافقين، فلا بأس أن تقول: هذا منافق لهذا الفعل، فإذا رأينا الرجل يحدث ويكذب؛ قلنا: هذا منافق نفاقاً عملياً في هذه المسألة، وإذا رأيناه قام إلى الصلاة وهو كسلان؛ نقول: هذا فيه خصلة من خصال المنافقين؛ لأنه أشبه بالمنافقين في قيامه إلى الصلاة على وجه الكسل، فالنفاق العملي واسع؛ فكل من وافق المنافقين في خصلة من خصالهم ، فإنه منافق في هذا العمل خاصة، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان) .
هذه علامة المنافق، لكن هذه العلامات قد يقوم بها أناس من المسلمين؛ فنقول: هو منافق في هذه المسألة " انتهى من " لقاء الباب المفتوح " (32/ 21) بترقيم الشاملة .
فلا يجوز أن يرمى الإنسان بالنفاق الاعتقادي المخرج عن الملة ، إلا ببينة واضحة .

والله تعالى أعلم .

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...