عنوان الفتوى : أخلاقيات وسلوكيات التاجر المسلم

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أريد أن أسأل عن القواعد والأصول التي يجب مراعاتها في التجارة ؟ .و شكرا .

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فمما ينبغي أن يستقر في يقين التاجر المسلم أن المال مال الله عز وجل، وأن الناس مستخلفون فيه، وأنه ليس للمستخلف أن يخرج عن إرادة المالك الحق ومقصوده، فإن فعل ذلك فقد أهليته للاستخلاف فربما تحولت النعمة عنه إلى غيره، وربما بقيت في يده لكنه مسيء مسوؤل عن القليل والكثير منها.
والشريعة التي يدين بها التاجر المسلم قد حفت التجارة بجملة من الضوابط التي من شأنها أن تجعل هذا التاجر تاجراً نقياً ربانياً أداة لبناء المجتمع والتراحم مع الآخرين بعيداً عن الجشع والأنانية.
ونوجز هذه الضوابط بما يلي:
أولاً: النية الصالحة، وهي سبب لتحويل العادات إلى عبادات، وتتمثل في ابتغاء الخير لنفسه وإعفافها عن الحرام وصيانتها عن ذل السؤال، واتخاذ التجارة وسيلة لصلة الأرحام وإيتاء ذي القربى، كما تتمثل في ابتغاء الخير للآخرين بالمشاركة في بناء الأمة حاضراً ومستقبلاً، وتحريرها من الاعتماد على الآخرين، وتوفير الحاجات العامة التي يعد توفيرها من فروض الكفايات، وما أشبه هذا من المقاصد.
ثانياً: الخلق الحسن: مثل الصدق والأمانة والوفاء بالعقود وحسن القضاء والاقتضاء وإنظار المعسر، وتجنب المطل في سداد الديون، وإعطاء الحقوق، وتجنب الغش، والتدليس، ونحو ذلك من الأخلاق الفاضلة الحميدة.
ونحن معشر المسلمين نرى أن حسن الخلق قوام الدين والدنيا.. فالبر: حسن الخلق، وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق، والتاجر المسلم حين يتحلى بحسن الخلق لا ينطلق في ذلك من منطلق نفعي بحت كما يفعل الآخرون، ولكنه ينطلق من موقف ديني ثابت قائم على طاعة الله والاقتداء برسوله وابتغاء الأجر من وراء ذلك، وما قد يحصل من منافع أخرى كرواج التجارة، وكثرة العملاء فإنما يكون بالقصد التابع وليس بالقصد الأصلي.
ثالثاً: التعامل في الطيبات: فالتاجر المسلم لا يستوي عنده الخبيث والطيب ولو أعجبه كثرة الخبيث، بل يحل الحلال ويحرم الحرام، ويقف حيث أوقفه الله فلا تستزله لعاعة الدنيا وبريق الربح ليرتكب ما حرم الله عليه، فالتجارة في المحرمات كالخمر والخنزير والميتة وأدوات الفساد لا تخطر على باله فضلاً عن أن يتورط فيها، وهذا ما يميز هذا التاجر الصالح عن أولئك الاقتصاديين الذين يتساوى في نظرهم مشروع القمار ومشروع الإعمار.
رابعاً: أداء الحقوق دون مطل أو تسويف، وعلى رأس ذلك حقوق الله عز وجل في المال من الزكوات المفروضة ثم حقوق العباد كأجرة الأجير ودين صاحب الدين.
خامساً: تجنب الربا وما كان ذريعة ووسيلة إليه من العقود الفاسدة، فالمرابون محاربون لله ورسوله والربا من السبع الموبقات، وصاحبه ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
سادساً: تجنب أكل أموال الناس بالباطل، فحرمة مال المسلم كحرمة دمه، ولا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه، ومن صور أكل أموال الناس بالباطل الغش والتدليس والمقامرة والغرر والاحتكار والرشوة وما شابه ذلك.
سابعاً: تجنب الإضرار بالآخرين: فالمستثمر المسلم منافس شريف تحكمه في جميع أعماله الاستثمارية قاعدة: لا ضرر ولا ضرار. وهي إحدى قواعد الفقه الكلية التي يندرج تحتها من المسائل مالا يحصى.
ثامناً: الالتزام باللوائح والقوانين التي لا تخالف الشريعة الإسلامية حتى لا يضع نفسه تحت طائلة العقوبات المالية في حالة مخالفة هذه اللوائح.
تاسعاً: موالاة المؤمنين فالتاجر المسلم ناصح لأمته، وفيٌ لعهدها لا يعاون عليه خصومها، ولا يدخل في استثمار مع أعدائها يلحق بها الضرر.
عاشراً: تعلم أحكام المعاملات في الشريعة الإسلامية، وهذا يجب الابتداء به قبل كل ذلك، فإن العلم قائد، والعمل تابع. وقد ثبت أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه كان يضرب من وجده في السوق وهو لا يعرف أحكام البيع والشراء، ويقول: لا يبع في سوقنا إلا من تفقه في ديننا. رواه الترمذي.
والله أعلم.