عنوان الفتوى : أخفوا على من تقدموا لخطبتها لابنهم أنه محبوس بتهمة السرقة ، فهل يجوز ذلك ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

لي أخ أخطأ وارتكب جريمة سرقة وتزوير ، وهي السابقة الأولى في عائلتنا والحمد لله على كل حال ، وهو محبوس الآن ويمضي فترة عقوبته ، ولخزينا من هذه الحادثة كذبنا على أقاربنا وأبلغناهم أنه سافر إلى دولة أخرى ، ولكنه طلب من أمي خطبة ابنة عمنا له ، وفعلت أمي ذلك وقامت بالتحدث مع أم الفتاة وأهلها الذين وافقوا طبعا على أساس إننا عائلة واحدة وموثوق فينا وهم لا يعلمون بحقيقة سجن أخي . أنا أشعر بعدم جواز هذه الزيجة ؛ لما فيها من تدليس وخداع ، فما حكم الشرع فيها ؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله
لا يجوز أن تتقدموا لخطبة قريبتكم لأخيكم المحبوس بتهمة السرقة والتزوير ، إلا أن تُعْلِموها وأهلها بحقيقة الأمر ، وصورة الحال ؛ وإخفاؤكم هذا الأمر عنها وعن أهلها ، وادعاؤكم أنه مسافر مع علمكم أنه محبوس من الغش والكذب والتزوير ، وهو خلاف ما يجب أن تكونوا عليه من النصح للمسلم والصدق معه .

روى مسلم (55) عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( الدِّينُ النَّصِيحَةُ ) قُلْنَا لِمَنْ ؟ قال : ( لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ) .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" النصح هو الإخلاص في الشيء وعدم الغش والخيانة فيه .
فالمسلم لعظم ولايته لأخيه ومحبته لأخيه ينصح له ويوجهه إلى كل ما ينفعه ويراه خالصا لا شائبة فيه ولا غش فيه .
ومن ذلك قول العرب : ذَهَبٌ ناصح ، يعني سليما من الغش ، ويقال عسل ناصح ، أي : سليم من الغش والشمع .
وفي هذا المعنى أيضا ما رواه الشيخان من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال :( بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم ) .
انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (5/ 90) .

وروى مسلم (102) عن أبي هريرة رضي الله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ : ( مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي ) .
وروى الحاكم (8795) عن أنس رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ :
( المكر والخديعة والخيانة في النار ) وصححه الألباني في "الصحيحة" (1057) .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (31 /219)
" اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْغِشَّ حَرَامٌ سَوَاءٌ أَكَانَ بِالْقَوْل أَمْ بِالْفِعْل ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ بِكِتْمَانِ الْعَيْبِ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوِ الثَّمَنِ أَمْ بِالْكَذِبِ وَالْخَدِيعَةِ ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ فِي الْمُعَامَلاَتِ أَمْ فِي غَيْرِهَا مِنَ الْمَشُورَةِ وَالنَّصِيحَةِ " انتهى .

وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
" يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا رَأَى إنْسَانًا يَخْطُبُ امْرَأَةً وَيَعْلَمُ بِهَا أَوْ بِهِ عَيْبًا، أَوْ رَأَى إنْسَانًا يُرِيدُ أَنْ يُخَالِطَ آخَرَ لِمُعَامَلَةٍ أَوْ صَدَاقَةٍ أَوْ قِرَاءَةِ نَحْوِ عِلْمٍ وَعَلِمَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا : أَنْ يُخْبِرَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْتَشَرْ بِهِ، كُلُّ ذَلِكَ أَدَاءٌ لِلنَّصِيحَةِ الْمُتَأَكِّدِ وُجُوبُهَا لِخَاصَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ " .
انتهى من"الزواجر عن اقتراف الكبائر" (1/ 396) .

وقال علماء اللجنة :
" يجب أن يبين للخاطب ما في المخطوبة من مرض وعيب إذا لم يعلم ، ليكون على بينة من أمره ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من غشنا فليس منا ) " .
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (19/ 15) .

ثم إن مثل هذا الأمر مما لا يخفى ، بل غالبا ما يأتي ظرف ما ، أو وقت ويكشف أمره ، ثم تكون المشكلات ، والمفاسد بعد ذلك .

فعلى أخيك أن يستغفر الله ويتوب إليه مما صنع واقترف ، وعليكم أنتم بإخبار الفتاة وأهلها بحقيقة الأمر ، ليكونوا على بينة من أمرهم ؛ فإما أن يتموا هذه الخطبة ، أو يفسخوها ،
وإن شق عليكم اكتشاف أمر أخيك ، ورغبتم في ستر ذلك ، فبإمكانكم أن تفسخوا الخطبة بأي عذر ، أو حيلة ، ولكم أن تستعملوا التورية في مثل ذلك ، لئلا تصرحوا بحقيقة حال أخيكم .

والله تعالى أعلم .

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...