عنوان الفتوى : هل يحق لمن أُعِير سكنا أن يُسْكِن فيه غيره

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

تتلخص وقائع مسألتي: في أن أخي الأكبر الذي منحناه عقد وكالة من أجل استغلال وإدارة حقوقنا العقارية الفلاحية الموروثة عن والدنا عن طريق الشيوع، إذ يتولى حسب الوكالة الإمضاء على كافة الوثائق والعقود ماعدا البيع والإيجار، وهو الممثل الشرعي والقانوني في جميع الحقوق والدعاوى المتعلقة بهذه العقارات الفلاحية، وقد سمح له الإخوة الورثة ببناء مسكن على إحدى هذه العقارات الفلاحية، شريطة أن يسكنها هو وعائلته لاغير، ولكن في الفترة الأخيرة قام بإسكان أحد الجيران في هذا السكن بدلا عنه، وهؤلاء الجيران ليست لهم سمعة طيبة، وليسوا محلا للثقة وتاريخهم أسود، فخفنا على أخينا أن يقع في المعاصي والمحرمات، وأخي الأكبر يتححج بأنه استدان منهم مبلغا من المال وعليه أن يساعدهم في الإيواء، وأنه حر في التصرف في هذا البيت، ولعلمكم فإن هؤلاء الجيران هم امرأة طالق حديثا، ولها ابن بالغ، وللمرأة أبناء وإخوة يمكن أن تلجأ إليهم وتطلب المساعدة من المسؤولين للبلدة، فخلق هذا الموضوع استياء كبيرا لدى الإخوة الورثة، فاحتاروا في أمرهم ماذا يفعلون إزاء هذا التصرف؟ أرجو من فضيلتكم أن تفتوني في مسألتي، أو أن تقدموا لي النصح والإرشاد للتعامل مع القضية، وجزاكم الله خيرا.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذن الورثة لأخيهم بالبناء على إحدى العقارات الفلاحية ليسكنها هو وأهله على سبيل العارية، والعلماء مختلفون في العارية أهي تمليك منفعة أم إباحة منفعة؟ فعلى القول الأول يجوز للأخ أن ينتفع بنفسه، وله أن يسكن غيره تبرعا أو بأجرة، لأنه ملك المنفعة فجاز له التصرف فيها كالمستأجر، إلا أنه هنا قد شرط عليه أن يسكن بنفسه فقط، ودخل على ذلك الشرط فلزمه، وكذا على القول الثاني بأن الإعارة مجرد إباحة للانتفاع فإنه لا يجوزله ذلك ولو لم يشترط عليه عدمه، لأنه أبيح له الانتفاع فقط بنفسه، وبالتالي فليس لذلك الأخ أن يسكن غيره تبرعا، أو بأجر لكون إخوانه قد شرطوا عليه أن يسكن بنفسه فحسب، ولأن العارية إباحة انتفاع على الراجح، ثم إن كون الأخ مدينا لأولئك فلا يجوز له أن يسكنهم في داره بسبب الدين، لئلا يكون قرضا جر منفعة قال خليل: وحرم هديته ـ يعني المقترض لمقرضه ـ إن لم يتقدم مثلها، أو يحدث موجب، إلا أن يقوم دليل على أن القصد نفع المقترض فقط في الجميع. 

وفي الفتاوى الكبرى لابن تيمية: فنهى النبي صلى الله عليه وسلم المقرض عن قبول هدية المقترض قبل الوفاء، لأن المقصود بالهدية أن يؤخر الاقتضاء وإن كان لم يشترط ذلك.

وفي غاية المنتهى ـ وهو حنبلي: وإن فعل ما فيه نفع قبل الوفاء ولم ينو احتسابه من دينه، أو مكافأته، لم يجز إلا إن جرت عادة بينهما به قبل قرض.

فالذي ننصح به هو بيان ذلك للأخ ونصحه وموعظته بلطف وحكمة ليعدل عن رأيه بما لا يقطع حبل الأخوة ويعكر صفوها.  

والله أعلم.