عنوان الفتوى : طائفة الزيدية.. المعتقدات والأفكار

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

نريد منكم بعض المعلومات عن مذهب الزيدية الموجودون في اليمن وماهي اهم الفروق بينهم وبين اهل السنه؟

مدة قراءة الإجابة : 14 دقائق

التعريف:
الزيدية أقرب فرق الشيعة من أهل السنة والجماعة حيث تتصف بالاعتدال والقصد والابتعاد عن التطرف والغلو، كما أن نسبتها ترجع إلى مؤسسها زيد بن علي زين العابدين الذي صاغ نظرية شيعية متميزة في السياسة والحكم وجاهد من أجلها وقتل في سبيلها.

التأسيس وأبرز الشخصيات:
– ترجع الزيدية إلى زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي رضي الله عنه (80-122هـ)، قاد ثورة شيعية في العراق ضد الأمويين أيام هشام بن عبد الملك، فقد دفعه أهل الكوفة لهذا الخروج ثم ما لبثوا أن تخلوا عنه وخذلوه عندما علموا بأنه لا يتبرأ من الشيخين أبي بكر وعمر ولا يلعنهما، بل يترضى عنهما، فاضطر لمقابلة جيش الأمويين وما معه سوى 500 فارس حيث أصيب بسهم في جبهته قضي عليه.
– تنقل في البلاد الشامية والعراقية باحثًا عن العلم أولاً وعن حق أهل البيت في الإمامة ثانيًا، فقد كان تقيًا ورعًا عالمًا فاضلاً مخلصًا شجاعًا وسيمًا مهيبًا ملمًا بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
– تلقى العلم والرواية عن أخيه الأكبر محمد الباقر الذي يعد أحد الأئمة الاثنى عشر عند الشيعة الإمامية.
– اتصل بواصل بن عطاء رأس المعتزلة وتدارس معه العلوم، فتأثر به وبأفكاره التي نقل بعضها إلى الفكر الزيدي.
– تتلمذ عليه أبو حنيفة النعمان وأخذ عنه العلم.
– من مؤلفاته كتاب المجموع في الحديث، وكتاب المجموع في الفقه، وهما في كتاب واحد اسمه المجموع الكبير، رواهما عنه تلميذه أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي الهاشمي بالولاء، الذي مات في الربع الثالث من القرن الثاني للهجرة.
– أما ابنه يحيى بن زيد فقد خاض المعارك مع والده، لكنه تمكن من الفرار إلى خراسان حيث لاحقته سيوف الأمويين فقتل هناك سنة 125هـ.
– فوض الأمر بعد يحيى إلى محمد وإبراهيم.
– خرج محمد بالمدينة فقتله عاملها عيسى بن ماهان.
– وخرج إبراهيم بالبصرة فكان مقتله فيها بأمر من المنصور.
– أحمد بن عيسى بن زيد –حفيد مؤسس الزيدية- أقام بالعراق، وأخذ عن تلاميذ أبي حنيفة فكان ممن أثرى هذا المذهب وعمل على تطويره.
– من علماء الزيدية القاسم بن إبراهيم المرسي بن عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب (170-242هـ) تشكلت له طائفة زيدية عرفت باسم القاسمية.
– جاء من بعده حفيده الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم (245-298هـ) الذي عقدت له الإمامة باليمن فكان ممن حارب القرامطة فيها، كما تشكلت له فرقة زيدية عرفت باسم الهادوية منتشرة في اليمن والحجاز وماوالاها.
– ظهر للزيدية في بلاد الديلم وجيلان إمام حسيني هو أبو محمد الحسن بن علي بن الحسن بن زيد بن عمر بن الحسين بن علي رضي الله عنه والملقب بالناصر الكبير (230-304هـ) عرف باسم الأطروش، فقد هاجر هذا الإمام إلى هناك داعيًا إلى الإسلام على مقتضى المذهب الزيدي فدخل فيه خلق كثير صاروا زيديين ابتداء.
– ومنهم الداعي الآخر صاحب طبرستان الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن ابن زيد بن الحسن بن علي رضي الله عنه والذي تكونت له دولة زيدية جنوب بحر الخزر سنة 250هـ.
– وقد عرف من أئمتهم محمد بن إبراهيم بن طباطبا، الذي بعث بدعاته إلى الحجاز ومصر واليمن والبصرة. ومن شخصياتهم البارزة كذلك مقاتل بن سليمان، ومحمد ابن نصر. ومنهم أبو الفضل بن العميد والصاحب بن عباد وبعض أمراء بني بوية.
– خرجت عن الزيدية ثلاث فرق طعن بعضها في الشيخين، كما مال بعضها عن القول بإمامه المفضول، وهذه الفرق هي:
1 – الجارودية: أصحاب أبي الجارود زياد بن أبي زياد.
2 – السليمانية: أصحاب سليمان بن جرير.
3 – الصالحية: أصحاب الحسن بن صالح بن حي.
البتريـة: أصحاب كثير النوي الأبتر.
– الفرقتان الصالحية والبترية متفقتان ومتماثلتان في الآراء.
– هذه الفرق بجملتها لم يعد لها مكانة بارزة عند الزيدية المعاصرة التي تقتفي نهج الإمام زيد من حيث القصد والاعتدال.

الأفكار والمعتقدات:
– يجيزون الإمامة في كل أولاد فاطمة، سواء أكانوا من نسل الإمام الحسن أم من نسل الإمام الحسين.
– الإمامة لديهم ليست بالنص، إذ لا يشترط فيها أن ينص الإمام السابق على الإمام اللاحق، بمعنى أنها ليست وراثية بل تقوم على البيعة، فمن كان من أولاد فاطمة وفيه شروط الإمامة كان أهلاً لها.
– لا يجوز عندهم أن يكون الإمام مستورًا إذ لا بد من اختياره من قبل أهل الحل والعقد، ولا يتم اختياره إلا إذا أعلن عن نفسه مبينًا أحقيته بالإمامة.
– يجوز لديهم وجود أكثر من إمام في وقت واحد في قطرين مختلفين.
– تقول الزيدية بالإمام المفضول مع وجود الأفضل إذ لا يشترط أن يكون الإمام أفضل الناس جميعًا بل من الممكن أن يكون هناك للمسلمين إمام على جانب من الفضل مع وجود من هو أفضل منه على أن يرجع إليه في الأحكام ويحكم بحكمه في القضايا التي يدلي برأيه فيها.
– معظم الزيدية يقرون خلافة أبي بكر وعمر، ولا يلعنونهما كما تفعل فرق الشيعة، بل يترضون عنهما، ويقرون بصحة خلافة عثمان مع مؤاخذته على بعض الأمور.
– يميلون إلى الاعتزال فيما يتعلق بذات الله، والجبر والاختيار. ومرتكب الكبيرة يعتبرونه في منزلة بين المنزلتين كما تقول المعتزلة ولكنه غير مخلد في النار إذ يعذب فيها حتى يطهر من ذنبه ثم ينتقل إلى الجنة.
– يرفضون التصوف رفضًا قاطعًا.
– يخالفون الشيعة في زواج المتعة ويستنكرونه.
– يتفقون مع الشيعة في زكاة الخمس وفي جواز التقية إذا لزم الأمر.
– هم متفقون مع السنة بشكل كامل في العبادات والفرائض سوى اختلافات قليلة في الفروع من مثل:
* يقولون “حي على خير العمل” في الأذان على الطريقة الشيعية.
* صلاة الجنازة لديهم خمس تكبيرات.
* يرسلون أيديهم في الصلاة.
* صلاة العيد تصح فرادى وجماعة.
* يعدون صلاة التراويح جماعة بدعة.
* يرفضون الصلاة خلف الفاجر.
* فروض الوضوء عشرة بدلاً من أربعة عند السنة.
– باب الاجتهاد مفتوح لكل من يريد الاجتهاد، ومن عجز عن ذلك قلد، وتقليد أهل البيت أولى من غيرهم.
– يقولون بوجوب الخروج على الإمام الظالم الجائر ولا تجب طاعته.
– لا يقولون بعصمة الأئمة عن الخطأ، كما لا يغالون في رفع أئمتهم على غرار ما تفعله معظم فرق الشيعة الأخرى.
– لكن بعض المنتسبين للزيدية قرروا العصمة لأربعة فقط من أهل البيت هم علي وفاطمة والحسن والحسين.
– لا يوجد عندهم مهدي منتظر.
– يستنكرون “نظرية البداء” التي قال بها المختار الثقفي الذي كان يسجع سجع الكهان فإذا جاء الأمر على عكس ما قال علل ذلك بأن يقول للناس: قد “بدا” لربكم تغيير علمه، إلا أن الزيدية تقرر بأن علم الله أزلي قديم غير متغير وكل شيء مكتوب في اللوح المحفوظ.
– قالوا بوجوب الإيمان بالقضاء والقدر مع اعتبار الإنسان حرًا مختارًا في طاعة الله أو عصيانه، ففصلوا بذلك بين الإرادة وبين المحبة أو الرضا وهو رأي أهل البيت من الأئمة.

– مصادر الاستدلال عندهم كتاب الله، ثم سنة رسول الله، ثم القياس ومنهم الاستحسان والمصالح المرسلة، ثم يجيء بعد ذلك العقل، فما يقر العقل صحته وحسنه يكون مطلوبًا وما يقر قبحه يكون منهيًا عنه.

الجذور الفكرية والعقائدية:
– يتمسكون بالعديد من القضايا التي يتمسك بها الشيعة كأحقية أهل البيت في الخلافة وتفضيل الأحاديث الواردة عنهم على غيرهم، وتقليدهم، وزكاة الخمس، فالملامح الشيعية واضحة في مذهبهم على الرغم من اعتدالهم.
– تأثر الزيدية بالمعتزلة فانعكست اعتزالية واصل بن عطاء عليهم وظهر هذا جليًا في تقديرهم للعقل وإعطائه أهمية في الاستدلال، إذ يجعلون له نصيبًا وافرًا في فهم العقائد وفي تطبيق أحكام الشريعة وفي الحكم بحسن الأشياء وقبحها فضلاً عن تحليلاتهم للجبر والاختيار ومرتكب الكبيرة والخلود في النار.
– أخذ أبو حنيفة عن زيد، كما أن حفيدًا لزيد وهو أحمد بن عيسى بن زيد قد أخذ عن تلاميذ أبي حنيفة في العراق، وقد تلاقى المذهبان الحنفي السني والزيدي الشيعي في العراق أولاً، وفي بلاد ما وراء النهر ثانيًا مما جعل التأثر والتأثير متبادلاً بين الطرفين.

الانتشار ومواقع النفوذ:
1 – قامت دولة للزيدية أسسها الحسن بن زيد سنة 250هـ في أرض الديلم وطبرستان.
2 – الهادي إلى الحق أقام دولة ثانية لها في اليمن في القرن الثالث الهجري.
3 – انتشرت الزيدية في سواحل بلاد الخزر وبلاد الديلم وطبرستان وجيلان شرقًا، وامتدت إلى الحجاز ومصر غربًا، وتركزت في أرض اليمن حيث لا تزال تمثل ثلثي السكان فيها.


مراجع للتوسع:
1 – الإمام زيد محمد أبو زهرة – دار الفكر العربي – القاهرة.
2 – تاريخ المذاهب الإسلامية محمد أبو زهرة – دار الفكر العربي – القاهرة.
3 – تاريخ الفرق الزيدية د. فضيلة عبد الأمير الشامي – مطبعة الآداب – النجف – العراق – 1394هـ/1974م.
4 – إسلام بلا مذاهب د. مصطفى الشكعة – الدار المصرية للطباعة والنشر – بيروت.
5 – الفرق بين الفرق عبد القادر بن طاهر البغدادي.
6 – الفصل في الأهواء والملل والنحل ابن حزم.
7 – الملل والنحل محمد بن عبد الكريم الشهرستاني.
8 – تلخيص الشافي أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي.
9 – الكامل في التاريخ عز الدين أبو الحسن الملقب بابن الأثير.