عنوان الفتوى : فسخت الخطبة ولم تٌعِد لخطيبها الثياب التي أهداها لها

مدة قراءة السؤال : 4 دقائق

الشيوخ الكرام: بالله عليكم أنا حالتي النفسية- خاصة وأنا مريضة بالسكر - في تدهور مستمر وأكتب إليكم الآن وأنا أبكي وربي يعلم بحالي. تقدم لي شاب حاصل علي مؤهل عال ولكنه يعمل صنائعيا، وكان يسكن في بلد آخر غير بلدي، بلد ريفي. وأنا أسكن تقريبا في مدينة، وإني كنت خائفة من عدم التأقلم، ولكن قلت لنفسي ما ذنبه إنه يسكن في بلد ريفي، فربما يكون شابا يتقى الله في، فوافقت علي الخطبة منه، وعندما كنت أذهب إلى بلده أشعر بخوف شديد ينتابني وعدم الرغبة بالبقاء، ولكن كنت أضغط علي نفسي خوفا من أنه يكون حراما علي أتركه من أجل بلده، ولكن أثناء الخطبة كان يأتي لي يوم واحد في الأسبوع ويجلس معي 4 ساعات، ولكن أهلي كانوا لا يحبونه أن يجلس معي كثيرا، أو يطول في مدة الزيارة، وهو شعر بذلك، وأصبح في ضيق من أهلي، وأصبح أهلي أيضا في ضيق منه، خاصة بعد أن سمعته أمي يقول لي بكرة نستريح ونأخذ راحتنا لما نتزوج، ومن وقتها أمي كرهته كانت أمي تقول لي إنها تخاف علي -خاصة أني كنت أنوي الذهاب والمجيء إلى بلدي لعملي -لأني مريضة بالسكر وقبل شهر رمضان الماضي سألته عن صلاة التراويح فقال لي إنه لا يصليها، ولكن طلبت منه أن يصليها قال لي لا فأنا لا أقدر لأني أتعب بالشغل، وكان اهتمامه الشديد متعلقا بكيفية رؤيتي في هذا الشهر، وطلب مني ألا أذهب لصلاة التراويح في المسجد حتى يستطيع رؤيتي ولكني رفضت قائلة له إنني لا أقدر علي الجلوس معك وأترك الوقوف بين يدي الله، فقال لي أنت طلبت مني أصليها وأنا رفضت، وأنا أطلب منك ما تصليها وأنت ترفضين عادي هذه حرية (حاجة مقابل حاجة ) صدمت بالرد طبعا معقولة هذا ممكن يكون رده بالنسبة للصلاة وقال لي إنه سيصليها في البيت وطلب مني ألا أتحدث معه ثانية في هذا الموضوع. وفي موقف أخر في مشادة كلامية بيني وبينه حلف حلفان فقال (علي الحرام من ديني) طبعا صدمة أخرى لي شعرت وقتها أني سأذهب إلى بلد غريب مع شخص خائفة منه، وشعرت أني سأنتهي تماما. وفي موقف آخر اتصل بي هاتفيا وأنا غير موجودة بالمنزل، فرد عليه أخي، ولكن خطيبي هذا قام بغلق السكة في وجه أخي، وحينما سألته هل قمت بهذا الفعل قال لا ولكني اكتشفت فيما بعد أنه فعلا قام بهذا الفعل، فما كان يحزنني أنى وقفت بجانبه، وقلت لهم في البيت إنه لا يمكن أن يقوم بفعل مثل هذا، وأخير اكتشفت أنه يكذب علي فقررت فسخ الخطبة وفسختها فعلا. ولكن في وقت ضيقي وغيظي لأنه كذب علي أرسلت إليه الذهب ولم أرسل إليه الهدايا (ملابس ) تكلفتها 200 جنيه مصري تقريبا، لكن يشهد الله أني لم أرسل إليه هذه الأشياء لأني كنت في وقت ضيق وعصبية وليس طمعا فيها علما بأن الخطوبة انفسخت من 6 أشهر، ولن أستطيع إرسالها إليه، وأنا الآن أخاف من الله أن يكون علي ذنب بسبب هذه الأشياء التي لم أرسلها إليه؟ ولم يعد بإمكاني إرسالها إليه الآن، وهل أنا أذنبت في حقه ؟ فأنا أريد شخص يتقى الله في ويحافظ على صلاته؟ دلوني بالله عليكم؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان هذا الشخص غير مرضي في دينه، وقد تركته ابتغاء رضوان الله، فنسأل الله أن يجعل هذا في ميزان حسناتك، وأن يأجرك عليه ، ونبشرك بأنه من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.

وأما ما تسألين عنه من ظلم فإنه لم يكن منك ظلم له، فإن المرأة يجوز لها الرجوع عن الخطبة ولو بلا سبب، فكيف وقد كان منه ما ذكرت. جاء في فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك: قال الخرشي: ويكره للرجل ترك من ركنت إليه بعد خطبته لأنه من إخلاف الوعد، قال بعض ولا يحرم على المرأة أو وليها بعد الركون أن يرجعا عن ذلك الخاطب إلى غيره. انتهى

أما هذه الهدايا فإن كان العرف أنها من المهر، فإنه يجب عليك إرجاعها له؛ لأن عقد الزواج  لم يتم. أما إذا كانت في العرف مجرد هبة لا علاقة لها بالمهر فإن الراجح من أقوال أهل العلم أنها ترد أيضا، وهذا هو مذهب المالكية لأن الرجوع كان من جهتك.

جاء في كتاب فقه السنة: وللمالكية في ذلك تفصيل بين أن يكون العدول من جهته أو جهتها: فإن كان العدول من جهته فلا رجوع له فيما أهداه، وإن كان العدول من جهتها فله الرجوع بكل ما أهداه، سواء أكان باقيا على حاله، أو كان قد هلك، فيرجع ببدله إلا إذا كان عرف أو شرط، فيجب العمل به. انتهى

فعليك أن تجتهدي في إرجاعها إليه بواسطة بعض أقاربه أو من يعرفونه دون أن تتصلي به مباشرة؛ لأن هذا حقه ولا بد أن يرجع إليه، فإن تعسر ذلك بعد المحاولات والاجتهاد فعليك حينئذ أن تتصدقي بها.

والله أعلم.