عنوان الفتوى : تسجيل الدين بعملة مغايرة عند الاقتراض

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل يجوز لمن أقرض شخصاً، مبلغ عشرة آلاف دينارا مثلاً أن يتفق مع المقرض على أن يسددها بما يعادلها من الدولارات عندما يحين موعد السداد؟ وجزاكم الله خيرا.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لا يجوز تسجيل الدين في ذمة المدين بعملة مغايرة، فلا يجوز أن يتفق الدائن والمدين على السداد بعملة مغايرة عند الاقتراض، أما في وقت السداد فيجوز الاتفاق على السداد بعملة مغايرة يوم السداد لا قبله.
وقد خرج المجمع الفقهي بقرار مفاده: الدين الحاصل بعملة معينة لا يجوز الاتفاق على تسجيله في ذمة المدين بما يعادل قيمة تلك العملة من الذهب أو من عملة أخرى.
يقول فضيلة الدكتور حسام الدين عفانة-أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين:
لا يجوز لمن اقترض مبلغاً بعملة معينة أن يتفق مع المقترض على سداد القرض بعملة أخرى، فإذا استدان شخص ألف دينار أردني فإن الواجب عليه سداد ألف دينار أردني فقط، لأنها هي الثابتة في ذمته. وكذلك لا يجوز ربط قيمة الدين بالذهب عند الاستدانة ليتم السداد بالذهب يوم السداد لأن اختلاف العملة يفسح مجالاً للتفاضل مع التأجيل، فيصير قرضاً ربوياً كما تدل على ذلك الأحاديث النبوية على أن هذه المبادلة تصير بيعاً ممنوعاً، فالذهب بالفضة لا يجوز بالأجل لأنه يصير حينئذٍ صرفاً مؤجلاً، انظر الجامع في أصول الربا ص 283.
إلا أنه يجوز اتفاق الدائن والمدين في يوم سداد الدين على قضاء الدين بعملة أخرى بسعر صرفها في يوم السداد، فمثلاً استدان شخص من آخر مبلغ ألف دولار، على أن يسددها بعد سنة ، ولما حان يوم السداد، اتفق الدائن والمدين على أن يسدد المدين الألف دولار بقيمتها بالدينار الأردني، فيجوز ذلك بشرط أن لا يبقى شيء لأحدهما في ذمة الآخر.
وهذا مذهب جماعة من أهل العلم، ويدل عليه ما ورد في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنه قال: ( كنت أبيع الإبل في البقيع، فأبيع بالدنانير وآخذ بالدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ بالدنانير، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إني أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ بالدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ بالدنانير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا بأس، إذا أخذتهما بسعر يومهما فافترقتما وليس بينكما شيء ) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد وغيرهم، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وقال الشيخ الأرناؤوط: إسناده حسن على شرط مسلم.
وعن يسار بن نمير قال: ” كان لي على رجل دراهم، فعرض عليّ دنانير، فقلت: لا آخذها حتى أسأل عمر، فسألته فقال: إئت بها الصيارفة فاعرضها فإذا قامت على سعر فإن شئت فخذها، وإن شئت فخذ دراهمك ” ذكره ابن حزم في المحلى.
وقد قرر مجمع الفقه الإسلامي ما يلي بالنسبة إلى هذه المسألة:
أولاً: الدين الحاصل بعملة معينة لا يجوز الاتفاق على تسجيله في ذمة المدين بما يعادل قيمة تلك العملة من الذهب أو من عملة أخرى على معنى أن يلتزم المدين بأداء الدين بالذهب أو العملة الأخرى المتفق على الأداء بها.
ثانياً:
يجوز أن يتفق الدائن والمدين يوم السداد لا قبله على أداء الدين بعملة مغايرة لعملة الدين إذا كان ذلك بسعر صرفها يوم السداد، وكذلك يجوز الدين على أقساط بعملة معينة الاتفاق يوم سداد أي قسط على أدائِه كاملاً بعملة مغايرة بسعر صرفها في ذلك اليوم ويشترط في جميع الأحوال أن لا يبقى في ذمة المدين شيء مما تمت عليه المصارفة في الذمة.

والله أعلم.