عنوان الفتوى : شروط قبول العبادة والعمل الصالح

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

كنت أتحدث مع أحد الأشخاص في أحد المواضيع المحرمة تحريم تاما وهو موضوع قراءة الفنجان وأنه محرم و قلت له الأحاديث التي حرمته وهو أن من يحضر منجما لا تقبل له صلاة أربعين يوما مهما كانت نيته فقال لي أنا أعلم نفسي و أعلم أن هذا الحديث لم يوجه لشخص مثلي، و أنا مليء بالحكمة و أعرف أن الحساب عند الله أهم شيء نيتي و أنا أعرفها و ما إلى ذلك، وهذا هو رد هذا الشخص كل مرة نتحدث في أمر ديني و يكون أيضا رده في النهاية ليس طفل مثلكم سيعلمني ؟فما نصحيتكم لهذا الشخص أرشدوني و فقكم الله؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

 فما ذكرته من تحريم الذهاب إلى العرافين والمنجمين صحيح وهو من الكبائر، وقد سبق تفصيل ذلك في فتاوى سابقة. وأما قول صديقك: إن أهم شيء نيته، فهذا ليس بصحيح، فالنية الحسنة لا تجعل المعاصي مباحة، كما أنها لا تكفي وحدها لإبراء الذمة من فعل الواجبات وترك المحرمات، والغاية التي خلقنا من أجلها جميعا هي عبادة الله وحده لا شريك له، كما قال سبحانه: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ {الذريات:56}.

وليست عبادته سبحانه على هوى كل إنسان أو نيته، بل هي وفق ما شرعه سبحانه ، وما دام المسلم قد اختار الإسلام دينا، فلا يجوز له أن يسير وفق هواه ولا أن يختار من شرع الله ويزعم أنه فوق ما شرعه الله من تحليل شيء أو تحريمه. قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً. {الأحزاب: 36} .

وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن كل عمل لا يوافق الشرع مردود على صاحبه ،فقَالَ: مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ. رواه مسلم.

فالحساب عند الله ليس على النية وحدها، فلا يقبل العمل إلا إذا كان خالصا لله، موافقا لسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو المراد من قوله تعالى: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً {الملك: من الآية2} .

 قال الفضيل بن عياض في تفسير العمل الحسن: أخلصه وأصوبه، فقيل له: ما أخلصه وأصوبه؟ فقال: إن العمل إذا كان خالصاً، ولم يكن صواباً لم يقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل، حتى يكون خالصاً صواباً، فالخالص ما كان لله، والصواب ما كان على السنة. انظر تفسير البغوي 4/369 .

فمن أراد الوصول إلى مرضاة الله ، فليلزم سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فكل الطرق إلى الله تعالى مسدودة، إلا هذا الطريق، طريق نبيه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {النور: 63} وقال: فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً {الكهف: من الآية110}.

 فلم يكتف بالنية فقط وإن كانت حسنة، فكيف إذا كانت النية في الأعمال المحرمة؟!

وقال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ. رواه مسلم.

 فالنظر إلى القلوب والأعمال، والحق يقبل ممن جاء به صغيرا كان أو كبيرا، ونسأل الله أن يهدي صاحبك إلى الالتزام بشرع الله وترك تحكيم عقله وهواه فيما فرض الله أو حرم.

وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20976، 7515، 58734  14005،  32568.

والله أعلم.