عنوان الفتوى : سترة المصلي.. حكمها.. وتحديدها

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

في المسجد الذي نصلي فيه هناك بعض المصلين لا يتخدون سترة أمامهم فهل يجوز المرور أمامهم بترك مسافة بيننا وبينهم أم لا و من الآثم هنا؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

فإنه يستحب للمصلي أن يتخذ سترة وأن يدنو منها، ومحل الاستحباب ما لم يخش المرور ‏بين يديه، فإن خشيه وجب عليه اتخاذها، كما يجب عليه أن يدفع المار بين يديه، سواء ‏كان إنساناً أو بهيمة، وقد سبق تفصيل هذا في الفتوى رقم:
1998 وأما بالنسبة لحكم ‏المرور بين يدي المصلي فهو محرم، سواء اتخذ سترة أو لم يتخذ، وسواء كان يصلي فرضاً ‏أو كان يصلي نفلاً، وسواء وجد المار مندوحة عن المرور أو لم يجد، على القول الراجح ‏من أقوال أهل العلم، ويستثنى من هذا الطائف حول البيت لورود الدليل المبيح له، ومثله ‏من اضطر للمرور لحاجة، فقد روى البخاري عن أبي صالح السمان قال: رأيت أبا سعيد ‏الخدري في يوم الجمعة يصلي إلى شيء يستره من الناس، فأراد شاب من بني أبي معيط أن ‏يجتاز بين يديه، فدفع أبو سعيد في صدره، فنظر الشاب فلم يجد مساغاً إلا بين يديه، ‏فعاد ليجتاز فدفعه أبو سعيد أشد من الأولى، فنال من أبي سعيد ثم دخل على مروان فقال: مالك ولابن أخيك يا أبا سعيد؟ قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:" إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، ‏فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان"‏.
وفي الصحيحين عن عبد الله بن الحارث بن الصمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم: " لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه "من الإثم" لكان أن يقف أربعين خيراً ‏له أن يمر بين يديه" قال أبو النضر -أحد رواة الحديث- لا أدري قال: أربعين يوماً، أو ‏شهراً، أو سنة؟ متفق عليه. قال الحافظ ابن حجر: (وظاهر الحديث يدل على منع المرور ‏مطلقاً ولو لم يجد مسلكاً، بل يقف حتى يفرغ المصلي من صلاته، ويؤيده ما يأتي من قصة ‏أبي سعيد مع الشاب، فإنه لم يجد مساغاً) أهـ.
وأما قدر المسافة التي تتركها بينك وبين المصلي إذا لم يتخذ سترة ثم تمر من ورائها: فلم يرد في ‏تحديدها دليل صحيح صريح، ومن ثم اختلف العلماء في تحديدها على أقوال: فقيل: ما ‏يحتاج إليه المصلي في ركوعه وسجوده، وقيل: بحيث لو مشى إليه ليدفعه بطلت صلاته، ‏وهو اختيار ابن قدامة في المغني، وقيل: ثلاثة أذرع، والراجح أنه يحد بالعرف فما عده ‏الناس قريباً فهو قريب، وما لم يعدوه قريباً فهو بعيد كمن يمر خلف السترة، وقد تقرر ‏عند العلماء أن اللفظ إذا لم يحد في الشرع ولا في اللغة، فيحد بالعرف. وهذا اختيار ‏الشيخ ابن باز رحمه الله في تعليقاته على فتح الباري.‏
والله أعلم.‏