أرشيف الاستشارات

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى عزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

فإني حقيقة لا أعرف درجة الخوف والرهاب الاجتماعي الذي تعاني منه، ولكن عموماً الخوف أو الرهاب الاجتماعي أو القلق الاجتماعي هو علة منتشرة، وهو - إن شاء الله – ليس صعب العلاج إذا التزم الإنسان بالتعليمات والإرشادات السلوكية العلاجية.

والرهاب الاجتماعي يعتبر نوعاً من القلق النفسي، وأول خطوة في العلاج هي تصحيح المفاهيم، فهنالك مفاهيم خاطئة جدّاً حول الرهاب الاجتماعي، وأول هذه المفاهيم التي يجب أن تصحح: أن الخوف أو الرهاب الاجتماعي ليس نوعاً من الجبن ولا يدل على ضعف شخصية الإنسان أو قلة إيمانه.

ثانياً: الشخص الذي يصاب بالخوف والرهاب الاجتماعي يكون لديه مبالغة في مشاعره، بمعنى أنه يرى نفسه قلقاً ومتوتراً وأنه سوف يسقط أمام الآخرين وأنه يرتعش، وأن الآخرين يقومون بمراقبته بدقة وهكذا، هذا مفهوم لابد أن يصحح؛ لأن ذلك ليس صحيحاً حسب ما أثبتت التجارب والملاحظات العلمية.
إذن تصحيح المفاهيم يعتبر أمراً ضرورياً.

بعد ذلك يأتي العلاج السلوكي ثم العلاج الدوائي، والعلاج السلوكي يعتمد على مواجهة الخوف والرهاب وتحقير فكرته، والمواجهة تكون أولاً في الخيال ثم تكون في الواقع والتطبيق، والمواجهة في الخيال تتمثل في أن تجلس في مكان هادئ وتتصور وتتخيل أنك في مواجهة موقف اجتماعي معين، أو أنك تقوم بإلقاء محاضرة أو درس، أو تقوم باستقبال مجموعة كبيرة من الناس، أو أنك دخلت في نقاش وحوار مع شخص ولم تكن متوقعاً ذلك مطلقاً، فافعل ذلك بكل جدية لمدة عشرين دقيقة على الأقل يومياً، وهو - إن شاء الله تعالى – نافع ومفيد جدّاً، ولابد أن تحقر دائماً فكرة الخوف، فلابد أن تجري دائماً تحليلاً داخلياً وتقنع نفسك أنك يجب ألا تعطي لهذه الفكرة اهتماماً فأنت أقوى مما تتصور وأفضل مما تتصور وأنت لست بقلق، وهكذا، هذا التغيير الداخلي المعرفي يعتبر أمراً ضرورياً.
ثم بعد ذلك يأتي التطبيق والمواجهة، والمواجهة دائماً عليك أن تتذكر ما ذكرناه أولاً حول تصحيح المفاهيم، وحين تواجه الناس عليك أن تنظر في وجوههم – هذا مهم جدّاً – وعليك أن تحسن من رصيدك المعرفي والمعلوماتي، وذلك يسهل عليك كثيراً أن تطرح بعض المواضيع وتناقش فيها الآخرين.
ويمكنك أيضاً أن تأخذ نفساً عميقاً وبطيئاً حين بدايات هذه المواجهات: املأ صدرك بالهواء ثم أخرجه، كرر هذا التمرين دائماً عند المواجهات وسوف يفيدك إن شاء الله تعالى.

أما بالنسبة للعلاج الدوائي فإنه توجد عدة أدوية، وكما ذكرتَ فإن الزيروكسات هو أحد هذه الأدوية ولكنه لم يناسبك، والزيروكسات عادةً لا يسبب عدم انتظام في دقات القلب، ولكن لا نستطيع أن ننفي ذلك النفي الكامل، ولكن عليك أن تبحث في الأسباب الأخرى التي قد تؤدي إلى عدم انتظام ضربات القلب وهي شدة القلق والتوتر، كما أن تناول الشاي والقهوة بكميات كبيرة وبتركيز عال يؤدي إلى هذه الظاهرة، والتدخين أيضاً يؤدي إلى عدم انتظام ضربات القلب.

وعموماً يظهر أن الزيروكسات لم يناسبك عضوياً ولم يناسبك نفسياً، فنطرح عليك البدائل الأخرى وهي كثيرة جدّاً، وفي أولها عقار زولفت ثم يأتي عقار إيفكسر وبعد ذلك يأتي عقار فافرين ثم يأتي عقار سبراليكس، وأنا أقترح عليك أن تتناول الزولفت والذي يسمى أيضاً بـ (لسترال)، وجرعته هي أن تبدأ بخمسين مليجراماً ليلاً بعد الأكل وتستمر عليها لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبتين – مائة مليجرام – في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى خمسين مليجراماً – حبة واحدة – واستمر عليها لمدة ستة أشهر أخرى، ثم خفض هذه الجرعة الوقائية إلى حبة واحدة يوم بعد يوم لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله.

إذا كنت ما زلت تعاني من عدم انتظام دقات القلب فهنالك عقار بسيط جدّاً يعرف باسم (إندرال) يمكنك أن تتناوله بجرعة عشرة مليجرام صباحاً ومساءً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناوله، علماً بأنه عقار جيد أيضاً لعلاج الأعراض الجسدية الناتجة عن القلق.

إذن أرجو اتباع الإرشادات السابقة وتناول الدواء الموصوف، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.
=====================
ولمزيد من الفائدة حول علاج الرهاب سلوكياً يمكنك الوقوف على هذه الاستشارات: ( 259576 - 261344 - 263699 - 264538 )، وكذلك الاكتئاب: (237889 - 241190 - 257425 - 262031 - 265121 ).