أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : أخذ العلاج السلوكي للرهاب دون العلاج الدوائي

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أبحث كثيراً في الإنترنت عن اضطراب الرهاب الاجتماعي، وأشترك في المنتديات النفسية التي تناقش الاضطرابات النفسية، وهدفي هو جمع معلومات كافية عن هذا المرض، وأقرأ تجارب الآخرين مع هذا الاضطراب ومعايشتهم له وكيف استطاعوا التخلص منه، ولا زلت أكتوي بنار الرهاب منذ ثمان سنوات، وأعاني من هذا المرض ولم أستخدم أي دواء منذ أصابني لأنني على يقين بأن الأدوية لا تعالج المشكلة.

والأدوية تخفف الأعراض فقط، وإن كان هناك تحسن فقد يستمر شهراً أو شهرين ثم لا تلبث المشكلة أن تعود، وحل المشكلة يتركز في العلاج السلوكي المعرفي، وهذا من خلال ما سمعته من كثير من الأطباء النفسيين، وإن كنت أطبق العلاج السلوكي لكني لا زلت أعاني حتى الآن من الرهاب.

وأحاول تذكر لحظة التغير الذي حدث معي وقلب حياتي، فقد كنت إنساناً طبيعياً ولا أعاني من أي مشكلة باستثناء الوسواس القهري والاكتئاب المصاحب للرهاب لكن لم يكن يشكلا أي مشكلة لأنني استطعت التأقلم معهم، لكن مشكلتي في الرهاب الذي دمر حياتي وجعلني أترك دراستي ومنعني من العمل.

واللحظة التي لا زلت أذكرها هي أنني كعادتي كنت أذهب إلى الجامعة كل يوم، وفي أحد الأيام وأنا أقود السيارة انتابني شعور غريب بأنني مراقب وكأن الجميع ينظر إلي، وأصبحت لا أستطيع النظر في المرآة الأمامية أو الجانبية للسيارة، خصوصاً عندما أقف عند إشارة المرور، فأصبحت أرفعها أو أغير من اتجاهها أو أقوم بإنزال رأسي لكي لا يرى أحد وجهي، ومنذ تلك اللحظة بدأت أشعر أني تغيرت، وبدأت معي المشكلة.

ولا أستطيع أن أستغني عن الشماغ - العمامة - لكي لا يرى الناس وجهي، ولا أستطيع أن أذهب إلى أي مكان بدونها؛ لأنني بمجرد أن أرى الناس ينظرون إلي تبدأ الاعراض، وبعض الأطباء النفسيين يقول بأن هذا الاضطراب لا يعالج إلا بالأدوية لتصحيح الخلل الذي يحدث في مادة بالدماغ تسمى السيرتونين، وهذا سبب لي إحباطا شديداً لأنني أفكر أحياناً بأن الخلل عضوي فلماذا اُتعب نفسي وأقوم بتطبيق المهارات السلوكية؟

وهناك من يؤكد أن العلاج الرئيسي يتمحور حول العلاج السلوكي المعرفي، وهذا ما أميل إليه، فهل يمكن لي أن أعالج نفسي دون اللجوء للأدوية؟ وهل العلاج السلوكي يصحح الخلل في مادة السيرتونين بشرط المثابرة عليه وأن يتم تطبيقه بالشكل المطلوب وكذلك الرياضة بشرط أن تمارس في اليوم نصف ساعة؟!

وشكراً.

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بندر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فجزاك الله خير على حبك للاطلاع وإلمامك بالمعلومات وبحثك عن الحقيقة، وكما تعرف أن للطب النفسي عدة مدارس، وهناك توجهات واختلافات في وجهات النظر، وكثيراً ما يتخذ المعالج النفسي قراراته بناء على مستوى تدريبه والمدرسة التي انتهجها، وهناك من يتأثر بأفراد معينين تدرب على أيديهم، ولكن الحقيقة العامة والحقيقة التي أراها هي الأصلح لعلاج هذه الحالات، خاصة حالات الرهاب الاجتماعي وحالات القلق بصفة عامة -ويعرف أن الرهاب الاجتماعي دائماً مرتبط بشيء من الوساوس وعسر في المزاج وشعور بالسلبية- هي أن تبحث عن الأسباب أولاً، وما هو سبب هذه الحالات؟ ولن تجد إجابة قطيعة ولكن المرجح أن هذه الحالات أسبابها ناشئة من أسباب بيولوجية واجتماعية ونفسية، بمعنى أن هناك ثلاث مسببات تتفاعل مع بعضها لتؤدي إلى الحالة النفسية أو الحالة العقلية، وهناك تفاوت في التأثير البيولوجي والتأثير الاجتماعي والتأثير النفسي.

وما دامت هذه الأسباب قائمة على ثلاث ركائز معروفة ومثبتة فيجب أن يقوم العلاج أيضاً على ثلاثة محاور، وهذه المحاور هي العلاج البيولوجي ونعني به العلاج الدوائي والعلاج النفسي، وهناك عدة أنواع من هذه العلاجات النفسية منها العلاج السلوكي المعرفي وهناك مدارس أخرى، ويوجد أيضاً العلاج الاجتماعي، فإذن الأسباب ثلاثة والعلاجات أيضاً ثلاثة، هذا هو المنهج الوسطي، وهذا هو المنهج الصحيح.

وأتفق معك أن هناك من له رؤية مختلفة ولكنهم أقلية، وهناك من يقول أن العلاج السلوكي وحده هو الأفضل، وهناك من يقول أن العلاج البيولوجي يكفي تماماً، وهنالك من يرى مجرد التكيف الاجتماعي والصبر على هذه الأعراض يكفي، ولكن الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها، فأرى أن يستفيد الإنسان أقصى درجات الاستفادة مما هو متاح من وسائل علاجية، ويجب على الإنسان أن لا يتخذ موقفاً سلبيّاً من أي محور علاجي ما دام أن هناك إثباتات علمية ودراسات قائمة على الدليل.

وهناك دراسات أجرتها عالمة مشهورة اسمها بلاك بيرن ومجموعتها تعمل منذ عشرين عاماً في علاج هذه الحالات، وقد وجدت أن العلاج السلوكي بالإضافة إلى العلاج الدوائي هما الأفضل، ولا شك في ذلك، وقد قارنت بين العلاج السلوكي وحده والعلاج الدوائي وحده، ثم العلاج السلوكي بالإضافة إلى العلاج الدوائي، ووجدت أن العلاج الدوائي بالإضافة إلى العلاج السلوكي هو الأفضل.

فالدلائل واضحة وهي قوية في نظري، والتجارب العملية أثبتت أن هذا المنهج هو الأفضل، وأما العلاج السلوكي وحده فهناك حالات تم شفاءها وعلاجها تماماً بالعلاج السلوكي، ولا أحد يستطيع أن ينكر ذلك، ولكنها ليس حالات كثيرة.

والفحوصات الدقيقة خاصة الصورة المقطعية التي تعرف باسم البت (Pet) توضح كمية الأكسجين والنشاط الغذائي خاصة فيما يتعلق بكمية السكريات المستهلكة في الدماغ ونشاط الدورة الدموية بالنسبة للأشخاص المصابين بالوساوس أو المخاوف، وقد وجد أنه في حالة المرض وشدته توجد نشاطات شديدة جداً لهذه المؤشرات الثلاثة، وهي الحركة الغذائية وحركة الدم وكمية الأوكسجين، وقد وجد أن هناك نشاطات شديدة جداً.

وبعد العلاج السلوكي تم تصوير هؤلاء الأشخاص بعد انتهاء العلاج السلوكي والشفاء، وكانت هناك تغيرات كبيرة في كمية الأوكسجين والمسار الغذائي وكذلك الدورة الدموية ونشاطها، فالعلاج السلوكي يؤدي إلى تغير بيولوجي، وهذه حقيقة لا يستطيع أحد أن ينكرها، وفي نفس الوقت تقوم الأدوية بهذه المتغيرات.

والشيء الذي أريد أن أصل إليه هو أن الدواء مهم، ويجب أن يؤخذ بالجرعة الصحيحة، وفي الوقت الصحيح، ولابد أن يطبق الإنسان في نفس الوقت العلاج السلوكي، وأحب أن أضيف أيضاً أن الدواء يهيئ الإنسان لقبول العلاج السلوكي، ويجعله يتعاون مع نفسه ومع المعالج في تطبيق البرامج السلوكية.

وأما ما يتعلق بعدم استغنائك عن الشماغ لأنك لا تحب أن يراك الناس، فأرى أن ذلك تطور في نوعية الأعراض، وهذا في نظري يتطلب الدواء، وسوف يساعدك الدواء كثيراً، وأرجو أن لا تحرم نفسك مطلقاً - مع احترامي الشديد جداً لوجهة نظرك التي ذكرتها -، فأنت يجب أن لا تضيف هما لهمومك المرضية، وأنت حين تتخذ هذه الموقف السلبية حيال الأدوية يعني أنك قد سببت ضغطا نفسي جديداً على نفسك، وعليك أن تأخذ بما هو متاح من العلاج وما هو مجرب من العلاج، ويعتبر التطبيق السلوكي مفيد ولا شك أنه يمنع الانتكاسات وهذا مهم جداً.

وحين يتوقف الإنسان عن الدواء ولم يدعم بالعلاج السلوكي فسوف يصاب بانتكاسة، وأنت محق في ذلك، ولكن الجمع بين الدواء والعلاج السلوكي هو الأفضل في وجهة نظري، وأما ما ذكرته عن الشخص الذي قام بعلاج نفسه سلوكياً فأعرف الكثير من الحالات الفردية التي تعالجت بهذه الطريقة، وأعرف أيضاً من تعالج عن طريق العلاج التحليلي، وأعرف من قال أنه تعالج عن طريق العلاج الإنساني أو طريقة رود جرس، وهناك من قال أنه قد انتهج فقط البرمجة العصبية ووجد أنها مفيدة له، ونسمع عن هذا كثيراً.

ولكن لابد أن نعتمد في العلاج على ما هو قائم على الدليل، والقائم على الدليل هو أن الأدوية بالإضافة إلى العلاج السلوكي هي دائماً الأفضل لعلاج الرهاب والقلق والاكتئاب والوساوس القهرية.

فأرجو أن تعيد النظر من أجل مصلحتك، وسوف يعجل الله لك الشفاء، وعليك أن لا تشعر باليأس، فأنت تعرف مشكلتك، وهذا جزء كبير من الحل، وعليك تطبيق العلاج السلوكي وعليك بتناول الدواء، وممارسة الرياضة مفيدة كذلك، وعليك أن تغير خارطة تفكيرك بصورة كاملة، ويجب أن يكون لديك المزاج والإرادة التحسنية، والإنسان إذا أراد أن يتحسن فلابد أن يبني إرادة التحسن، وأنت لك الكثير من المؤشرات الإيجابية التي سوف تساعدك في تلقي العلاج الصحيح.

أسأل الله لك الشفاء والعافية، وبالله التوفيق والسداد.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
كيف أتخلص من الخجل والخوف عند لقاء أشخاص غرباء؟ 1680 الاثنين 10-08-2020 05:26 صـ
لدي خوف وصعوبة عند الحديث مع الناس.. أريد حلا 1255 الأحد 09-08-2020 02:09 صـ
أعاني من مشكلة الرهاب الاجتماعي، ما الحل؟ 2339 الخميس 23-07-2020 06:16 صـ
كيف أتخلص من أعراض الرهاب الاجتماعي؟ 1667 الأربعاء 22-07-2020 04:28 صـ
أريد دواء يخلصني من الرهاب، فبماذا تنصحونني؟ 3567 الأحد 19-07-2020 09:33 مـ