أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : شبه مثارة حول القرآن والرد عليها

مدة قراءة السؤال : 46 دقائق

السلام عليكم، وجزاكم الله خيراً.
لقد وجدت موقعاً نصرانياً هدفه تشكيك المسلم في دينه من خلال وضع الشبهات، فأرجو من فضيلتكم إنقاذ الأمة، فكم من مسلم تنصر لا لشيء إلا أنه لم يجد الجواب أو لم يبحث أصلاً؛ نظراً لخبث أعداء الدين وسهولة تسرب هذه الوساوس.
وأنا أقترح بعد إذنكم إضافة رابط واضح في موقعكم للرد بالجواب الشافي، وأقول الشافي الوافي؛ لأن المسلم الباحث عن الجواب إذا لم يقتنع وقع في فخ الشك. وهذه بعض الشبه:
1/ ما أخذه من أشعار امرئ القيس.
امرؤ القيس هو أحد شعراء الجاهلية المتوفَّى سنة 540م (أي قبل ميلاد محمد بثلاثين سنة). كانت له قصيدة مشهورة اقتبس القرآن كثيراً من فقراتها كما ترى مما تحته خط:
دنت الساعة وانشق القمر
عن غزال صاد قلبي ونفر
أحورٌ قد حِرتُ في أوصافه
ناعس الطرف بعينيه حوَر
مرّ يوم العيد بي في زينة
فرماني فتعاطى فعقر
بسهامٍ من لحاظٍ فاتك
فرَّ عنّي كهشيم المحتظر
وإذا ما غاب عني ساعة
كانت الساعة أدهى وأمر
كُتب الحُسن على وجنته
بسحيق المسك سطراً مختصر
عادةُ الأقمارِ تسري في الدجى
فرأيتُ الليل يسري بالقمر
بالضحى والليل من طرته
فرقه ذا النور كم شيء زهر
قلت إذ شقّ العذار خده
دنت الساعة وانشق القمر
فورد الشطر الأول من البيت الأول في القمر: ((اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ))[القمر:1].
وورد الشطر الثاني من البيت الثالث في القمر: ((فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ))[القمر:29].
وورد الشطر الثاني من البيت الرابع في القمر: ((فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ))[القمر:31].
وورد الشطر الأول من البيت الثامن في الضحى 93: 1 و2 ((وَالضُّحَى* وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ))[الضحى:1-2].
وقال امرؤ القيس أيضاً:
أقبل والعشاق من خلفه
كأنهم من كل حدب ينسلون
وجاء يوم العيد في زينته
لمثل ذا فليعمل العاملون
فورد الشطر الثاني من البيت الأول في سورة الأنبياء: ((حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ))[الأنبياء:96].
وورد الشطر الثاني من البيت الثاني في الصافات: ((لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ))[الصافات:61]
2/كلام الله يتبدل
((لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ))[يونس:64].
((وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ))[النحل:101].
((لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ))[الكهف:27].
((مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ))[البقرة:106].
((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ))[الحجر:9].
((يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ))[الرعد:39].
3/ نُظُم وثنيّة:
س: جاء في سورة المائدة 5: 97 ((جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ))[المائدة:97].
معلوم أن الحج إلى الكعبة وشعائره هي من الجاهلية، بما في ذلك تقبيل الحجر الأسود، قال عمر بن الخطاب للحجر الأسود: (أما والله! لقد علمت أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله قبَّلك ما قبَّلتُك) أين هذا من أقوال الوحي الصحيح مثل: (مَاذَا نَفَعَ التِّمْثَالُ المَنْحُوتُ حَتَّى نَحَتَهُ صَانِعُهُ، أَوِ المَسْبُوكُ وَمُعَلِّمُ الكَذِبِ حَتَّى إِنَّ الصَّانِعَ صَنْعَةً يَتَّكِلُ عَلَيْهَا، فَيَصْنَعُ أَوْثَاناً بُكْماً؟ وَيْلٌ لِلْقَائِلِ لِلْعُودِ: اسْتَيْقِظْ! وَلِلْحَجَرِ الأَصَمِّ: انْتَبِهْ! أَهُوَ يُعَلِّمُ؟ هَا هُوَ مَطْلِيٌّ بِالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَلَا رُوحَ البَتَّةَ فِي دَاخِلِهِ) (حبقوق 2: 18 و19). وقال هوشع النبي: (وَالآنَ يَزْدَادُونَ خَطِيَّةً، وَيَصْنَعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ تَمَاثِيلَ مَسْبُوكَةً مِنْ فِضَّتِهِمْ، أَصْنَاماً بِحَذَاقَتِهِمْ، كُلُّهَا عَمَلُ الصُّنَّاعِ. عَنْهَا هُمْ يَقُولُونَ: ذَابِحُو النَّاسِ يُقَبِّلُونَ العُجُولَ . لِذَلِكَ يَكُونُونَ كَسَحَابِ الصُّبْحِ وَكَالنَّدَى المَاضِي بَاكِراً. كَعُصَافَةٍ تُخْطَفُ مِنَ البَيْدَرِ، وَكَدُخَانٍ مِنَ الكُوَّةِ) (هوشع13: 2 و3).
ونحن نسأل: هل في الحجر الأسود روح حتى يحس بحرارة القبلة التي يطبعها المسلمون عليه، أو هل فيه عقل يدرك تقدير المسلمين له وإكرامهم إياه؟ ولماذا يعطي المسلمون كرامةً لحجرٍ كان يؤديها عرب الجاهلية لأوثانهم؟ وكيف أقدَم محمدٌ على هذا الإكرام الديني للحجر؟ وكيف أبقى محمد هذا الحجر في الكعبة ولم يعزله كما عزل بقية الأصنام؟
4/الحبس المؤبَّد
س: جاء في سورة النساء 4: 15 ((وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا))[النساء:15].
ونحن نسأل: هل يُصلح الحبس المؤبد في مثل هذه الحالة المذنب؟ كيف يحبسون فتاةً في السادسة عشرة من عمرها مثلاً إذا قُدِّر لها أن تعيش ثمانين سنة؟ الأصلح أن تُعطى الخاطئة فرصة للتوبة والحياة المقدسة الجديدة.
5/اختراع طفل ينطق بالشهادة!
جاء في سورة يوسف 12: 25-29 ((وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ * يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ))[يوسف:25-29] قال البيضاوي: "وشهد شاهد من أهلها -قيل ابن عم لها صبياً في المهد".
ونحن نسأل: من أين جاء هذا الشاهد؟ هل كان في البيت؟ ومع من والبيت لم يكن به أحد! والكتاب المقدس يقول: إنها لما أمسكت يوسف من ثوبه تركه معها وهرب، فكيف القول: إنها قدّته وهرب هو به؟ وكيف يعلن فوطيفار براءة يوسف وذنب امرأته ثم يُبقيها هي ويوسف في البيت ويرضى بهذا العار؟ وكيف بعد أن يحكم فوطيفار ببراءة يوسف، وبعد أن تصرح زوجته أنها راودته عن نفسه فاستعصم، تعود فتهدّد يوسف بالسجن إن لم يفعل ما أمرته به من فحشاء، فيقبل فوطيفار أن يسجنه لا لشرّه بل لعفّته؟!
6/الوحي الذي يشكّ فيه مُبلِّغه!!
جاء في يونس 10: 94 ((فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ))[يونس:94]. وجاء في سورة الأعراف 7: 2 ((كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ))[الأعراف:2].
7/- سورٌ مِن مثله!!
جاء في سورة البقرة 2: 23 و24 ((وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ))[البقرة:23-24].
وجاء في سورة يونس 10: 38 ((أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ))[يونس:38].
وجاء في سورة الإسراء 17: 88 ((قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا))[الإسراء:88].
فماذا يحدث لو أننا أتينا بسورة واثنتين وثلاث سور مثل القرآن، دون حاجة إلى اجتماع الإنس والجن؟ وهاكم السور الثلاث:
سورة الخلع:
اللهم إنا نستعينك ونستغفرك
ونثني عليك ولا نكفرك.
ونخلع ونترك من يفجرك
سورة الحفد:
اللهم إياك نعبد.
ولك نصلي ونسجد.
وإليك نسعى ونحفد.
نرجو رحمتك ونخشى عذابك.
إن عذابك بالكفار ملحق.
سورة النورين:
بسم الله الرحمان الرحيم.
يا أيها الذين آمَنوا آمِنوا بالنورين أنزلناهما يتلوان عليكم آياتي ويحذرانكم عذاب يوم عظيم.
نوران بعضهما من بعض وأنا لسميع عليم.
إن الذين يعرفون بعهد الله ورسوله في آيات لهم جنات نعيم.
والذين كفروا من بعدما آمنوا بنقضهم ميثاقهم وما عاهدهم الرسول عليه يقذفونه في الجحيم.
ظلموا أنفسهم وعصوا الوحي الرسول أولئك يسقون من حميم.
إن الله الذي نوَّر السموات والأرض بما شاء واصطفى الملائكة والرسل وجعل من المؤمنين أولئك من خلقه يفعل الله ما يشاء لا إله إلا هو الرحمن الرحيم.
قد مكر الذين من قبلهم برسلهم فأخذتهم بمكرهم إن أخذي شديد أليم.
إن الله قد أهلك عاداً وثمود بما كسبوا وجعلهم لكم تذكرة فلا تتقون.
وفرعون بما طغى على موسى وأخيه هارون أغرقته ومن تبعه أجمعين.
ليكون لكم آية وإن أكثركم فاسقون.
إن الله يجمعهم يوم الحشر فلا يستطيعون الجواب حين يسألون.
إن الجحيم مأواهم وإن الله حكيم عليم.
يا أيها الرسول بلغ إنذاري فسوف يعلمون.
قد خسر الذين كانوا عن آياتي وحكمي معرضين.
مثل الذين يوفون بعهدك إني جزيتهم جنات النعيم.
إني لذو مغفرة وأجر عظيم. وإن عليّالمن المتقين.
وإنا لنوفه حقه يوم الدين.
وما نحن عن ظلمه بغافلين.
وكرمناه على أهلك أجمعين.
وإنه وذريته لصابرون.
وإن عدوهم إمام المجرمين.
قل للذين كفروا بعدما آمنوا طلبتم زينة الحياة الدنيا واستعجلتم بها ونسيتم ما وعدكم الله ورسوله ونقضتم العهود من بعد توكيدها وقد ضربنا لكم الأمثال لعلكم تهتدون.
يا أيها الرسول قد أنزلنا إليك آيات مبينات فيها من يتوفه مؤمناً ومن يتوله من بعدك يظهرون.
فاعرض عنهم إنهم معرضون.
إنا لهم محرضون في يوم لا يغني عنهم شيء ولا هم يرحمون.
إن لهم في جهنم مقاماً عنه لا يعدلون.
فسبح باسم ربك وكن من الساجدين.
ولقد أرسلنا موسى وهرون بما استخلف فبغوا هرون فصبر جميل فجعلنا منهم القردة والخنازير ولعنّاهم إلى يوم يبعثون.
فاصبر فسوف يبلون ولقد آتينا بك الحكم كالذين من قبلك من المرسلين.
وجعلنا لك منهم وصيا لعلهم يرجعون.
ومن يتول عن أمري فإني مرجعه، فليتمنعوا بكفرهم قليلاً فلا تسأل عن الناكثين.
يا أيها الرسول قد جعلنا لك في أعناق الذين آمنوا عهداً فخذه وكن من الشاكرين.
إن علياً قانتاً بالليل ساجداً يحذر الآخرة ويرجو ثواب ربه. قل هل يستوي الذين ظلموا وهم بعذابي يعلمون.
سيعجل الأغلال في أعناقهم وهم على أعمالهم يندمون.
إنا بشرناك بذرية الصالحين.
وإنهم لأمرنا لا يخلفون.
فعليهم مني صلاة ورحمة أحياء وأمواتاً ويوم يبعثون.
وعلى الذين يبغون عليهم من بعدك غضبي أنهم قوم سوءٍ خاسرين.
وعلى الذين سلكوا مسلكهم مني رحمة وهم في الغرفات آمنون.
والحمد لله رب العالمين آمين (عن القرآن المجيد لدروزة).
ومعلوم أن سورتي الخلع والحفد جاءتا في مصحف أُبيّ بن كعب وفي مصحف ابن عباس، وإن محمداً علّمهما لعلي بن أبي طالب الذي كان يعلّمهما للناس، وصلى بهما عمر بن الخطاب، فلماذا لا توجدان في القرآن المتداول اليوم؟ ولماذا أسقطهما المسلمون؟
والسور الثلاث التي ذكرناها تحاكي القرآن وتماثله وتبطل الحجة القائلة فَأْتوا بسورةٍ مِن مثله، ولا زلنا نسأل: هل هذه السور الساقطة من القرآن؟ ولماذا اختلف عليها المسلمون فأثبتها بعض المتقدمين ونفاها عموم المتأخرين؟
8/ - جِرو يعطل الوحي!
جاء في سورة الضحى 93: 1-3 ((وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى))[الضحى:1-3].
قال البيضاوي: ما ودّعك -ما قطعك قطع المودع بمعنى ما تركك، وما قلى: وما أبغضك. رُوي أن الوحي تأخر عن رسول الله أياماً؛ لأن جرواً ميتاً كان تحت سريره، فقال المشركون: إن محمداً ودّعه ربه وقلاه، فنزلت رداً عليهم.
وأخرج سعيد بن منصور والغرباني عن جندب قال: أبطأ جبريل على محمد فقال المشركون: قد ودّع محمداً.
وأخرج الحاكم عن زيد بن أرقم قال: (مكث محمد أياماً لا ينزل عليه جبريل، فقالت أم جميل امرأة أبي لهب: ما أرى صاحبك إلا قد ودعك وقلاك. فردَّ عليها بقوله: ((وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى))[الضحى:1-3]).
ورُوي بإسناد صحيح (أن جرواً دخل بيت محمد، فدخل تحت السرير، فمات فانقطع الوحي عنه. فقال محمد لخادمته خولة: يا خولة! ما حدث في بيتي، جبريل لا يأتيني؟ فقلتُ في نفسي: لو هيأتُ البيت فكنستُه! فأهويتُ بالمكنسة تحت السرير فأخرجت الجرو. فجاء محمد يرعد بجبته. وكان إذا نزل الوحي أخذته الرعدة فقال: ((وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى))[الضحى:1-3]).
وأخرج عن عردة قال: أبطأ جبريل على محمد فجزع جزعاً شديداً، فقالت خديجة: (إني أرى ربك قد قلاك مما يُرى من جزعك).
واختلفوا في مدة احتباس الوحي عنه، فقال ابن عباس: خمسة عشر يوماً، وقيل: أربعون يوماً.
ونحن نسأل: أي نوع من الوحي هذا الذي ينقطع عن البشر بسبب جرو؟ وأي ملاك هذا الذي يقاطع نبياً بسبب جرو؟ وما دَخْل الجرو في الوحي؟ ألم يكن أغلب الأنبياء كإبراهيم وإسحق ويعقوب وموسى وداود رعاة أغنام وتحرسها الكلاب؟ فلماذا لم نسمع بمقاطعة السماء لهم من أجل كلابهم؟
9/أسئلة لغوية:
- رفع المعطوف على المنصوب.
جاء في سورة المائدة 5: 69 ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ))[المائدة:69]. وكان يجب أن ينصب المعطوف على اسم إن، فيقول والصابئين كما فعل هذا في سورة البقرة 2: 62 والحج 22: 17.
- نصب الفاعل.
جاء في سورة البقرة 2: 124 ((لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ))[البقرة:124]. وكان يجب أن يرفع الفاعل فيقول: الظالمون.
- تذكير خبر الاسم المؤنث.
جاء في سورة الأعراف 7: 56 ((إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ))[الأعراف:56]. وكان يجب أن يتبع خبر إن اسمها في التأنيث فيقول: قريبة .
- تأنيث العدد وجمع المعدود:
جاء في سورة الأعراف 7: 160 ((وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا))[الأعراف:160]. وكان يجب أن يذكر العدد ويأتي بمفرد المعدود فيقول: اثني عشر سبطاً.
- جمع الضمير العائد على المثنى.
جاء في سورة الحج 22: 19 ((هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ))[الحج:19]. وكان يجب أن يثنّي الضمير العائد على المثنّى فيقول: خصمان اختصما في ربهما.
- أتى باسم الموصول العائد على الجمع مفرداً.
جاء في سورة التوبة 9: 69 ((وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا))[التوبة:69]. وكان يجب أن يجمع اسم الموصول العائد على ضمير الجمع فيقول خضتم كالذين خاضوا.
- جزم الفعل المعطوف على المنصوب.
جاء في سورة المنافقون 63: 10 ((وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ))[المنافقون:10] وكان يجب أن ينصب الفعل المعطوف على المنصوب فأَصدق وأَكون.
- جعل الضمير العائد على المفرد جمعاً
جاء في سورة البقرة 2: 17 ((مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ))[البقرة:17]. وكان يجب أن يجعل الضمير العائد على المفرد مفرداً فيقول استوقد... ذهب الله بنوره.
- نصب المعطوف على المرفوع
جاء في سورة النساء 4: 162 ((لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا))[النساء:162]. وكان يجب أن يرفع المعطوف على المرفوع فيقول والمقيمون الصلاة.
- نصب المضاف إليه
جاء في سورة هود 11: 10 ((وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ))[هود:10]. وكان يجب أن يجرَّ المضاف إليه فيقول بعد ضراءِ.
- أتى بجمع كثرة حيث أريد القلة
جاء في سورة البقرة 2: 80 ((لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً))[البقرة:80]. وكان يجب أن يجمعها جمع قلة حيث أنهم أراد القلة فيقول أياماً معدودات.
- أتى بجمع قلة حيث أريد الكثرة
جاء في سورة البقرة 2: 183 و184 ((كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ))[البقرة:183-184]. وكان يجب أن يجمعها جمع كثرة حيث أن المراد جمع كثرة عدته 30 يوماً فيقول أياماً معدودة.
- جمع اسم علم حيث يجب إفراده
جاء في سورة الصافات 37: 123-132 ((وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ))[الصافات:123] ((سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ))[الصافات:130] ((إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ))[الصافات:132]. فلماذا قال إلياسين بالجمع عن إلياس المفرد؟ فمن الخطا لغوياً تغيير اسم العلَم حباً في السجع المتكلَّف، وجاء في سورة التين 95: 1-3 ((وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ))[التين:1-3]. فلماذا قال سينين بالجمع عن سيناء؟ فمن الخطأ لغوياً تغيير اسم العلَم حباً في السجع المتكلف.
- أتى باسم الفاعل بدل المصدر
جاء في سورة البقرة 2: 177 ((لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ))[البقرة:177]. والصواب أن يُقال: ولكن البر أن تؤمنوا بالله؛ لأن البر هو الإيمان لا المؤمن.
- نصب المعطوف على المرفوع
جاء في سورة البقرة 2: 177 ((وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ))[البقرة:177]. وكان يجب أن يرفع المعطوف على المرفوع فيقول والموفون... والصابرون .
- وضع الفعل المضارع بدل الماضي
جاء في سورة آل عمران 3: 59 ((إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ))[آل عمران:59]. وكان يجب أن يعتبر المقام الذي يقتضي صيغة الماضي لا المضارع فيقول قال له كن فكان.
- لم يأت بجواب لمّا
جاء في سورة يوسف 12: 15 ((فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ))[يوسف:15]. فأين جواب لمّا؟ ولو حذف الواو التي قبل أوحينا لاستقام المعنى.
- أتى بتركيب يؤدي إلى اضطراب المعنى.
جاء في سورة الفتح 48: 8 و9 ((إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ))[الفتح:8-9]. وهنا ترى اضطراباً في المعنى بسبب الالتفات من خطاب محمد إلى خطاب غيره، ولأن الضمير المنصوب في قوله: (تعزّروه وتوقروه) عائد على الرسول المذكور آخراً وفي قوله تسبحوه عائد على اسم الجلالة المذكور أولاً. هذا ما يقتضيه المعنى، وليس في اللفظ ما يعينه تعييناً يزيل اللبس، فإن كان القول تعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلاً عائداً على الرسول يكون كفراً؛ لأن التسبيح لله فقط. وإن كان القول تعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلاً عائداً على الله يكون كفراً؛ لأنه تعالى لا يحتاج لمن يعزره ويقويه!!
- نوَّن الممنوع من الصرف
جاء في سورة الإنسان 76: 15 ((وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ))[الإنسان:15] بالتنوين مع أنها لا تُنّوَن لامتناعها عن الصرف؟ إنها على وزن مصابيح.
وجاء في سورة الإنسان 76: 4 ((إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا وَأَغْلالًا وَسَعِيرًا))[الإنسان:4]. فلماذا قال: سلاسلاً بالتنوين مع أنها لا تُنوَّن لامتناعها من الصرف؟
- تذكير خبر الاسم المؤنث
جاء في سورة الشورى 42: 17 ((اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ))[الشورى:17]. فلماذا لم يتبع خبر لعل اسمها في التأنيث فيقول قريبة ؟
-أتى بتوضيح الواضح
جاء في سورة البقرة 2: 196 ((فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ))[البقرة:196]. فلماذا لم يقل تلك عشرة مع حذف كلمة كاملة تلافيا لإيضاح الواضح؛ لأنه من يظن العشرة تسعة؟
- أتى بضمير فاعل مع وجود فاعل
جاء في سورة الأنبياء 21: 3 ((وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا))[الأنبياء:3] مع حذف ضمير الفاعل في أسرّوا لوجود الفاعل ظاهراً وهو الذين.
- الالتفات من المخاطب إلى الغائب قبل إتمام المعنى:
جاء في سورة يونس 10: 21 ((حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ))[يونس:22]. فلماذا التفت عن المخاطب إلى الغائب قبل تمام المعنى؟ والأصحّ أن يستمر على خطاب المخاطب.
- أتى بضمير المفرد للعائد على المثنى.
جاء في سورة التوبة 9: 62 ((وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ))[التوبة:62]. فلماذا لم يثنّ الضمير العائد على الاثنين اسم الجلالة ورسوله فيقول أن يرضوهما؟
- أتى باسم جمع بدل المثنى
جاء في سورة التحريم 66: 4 ((إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا))[التحريم:4]. والخطاب (كما يقول البيضاوي).موجّه لحفصة وعائشة. فلماذا لم يقل صغا قلباكما بدل صغت قلوبكما إذ أنه ليس للاثنتين أكثر من قلبين؟
10/ تنكح زوجاً غيره!
جاء في سورة البقرة 2: 230 ((فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ))[البقرة:230].
وفسرها البيضاوي بقوله: قالت امرأة رفاعة لرسول الله: إن رفاعة طلقني فبتَّ طلاقي، وإن عبد الرحمن بن الزبير تزوجني، وإن ما معه مثل هدبة الثوب. فقال رسول الله: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ قالت: نعم. قال: لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك .
وكثيراً ما تكون امرأة لها زوج عظيم وأولاد وبنات هم سادة مجتمعهم، وفي حالة غضبٍ يطلّقها زوجها، ثم يندم على ما فعل، فإذا الشرع القرآني يُلزم هذه السيدة أن تُجامع غير زوجها قبل أن تعود إليه.
11/ مقدار اليوم عند الله:
اليوم عند الله ألف سنة
اليوم عند الله خمسون ألف سنة
((يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ))[السجدة:5].
((تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ))[المعارج:4].
12/
القرآن مبين
القرآن متشابه
((وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ))[النحل:103].
((هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ))[آل عمران:7].
13/: عيوب الناسخ والمنسوخ
القرآن وحده من دون سائر الكتب الدينية يتميز بوجود الناسخ والمنسوخ فيه، مع أن كلام الله الحقيقي لا يجوز فيه الناسخ والمنسوخ:
1 - لأن الناسخ والمنسوخ في كلام الله هو ضد حكمته وصدقه وعلمه، فالإنسان القصير النظر هو الذي يضع قوانين ويغيرها ويبدلها بحسب ما يبدو له من أحوال وظروف، لكن الله يعلم بكل شيء قبل حدوثه، فكيف يقال إن الله يغيّر كلامه ويبدله وينسخه ويزيله؟ أليس من الأوفق أن ننزه الله فنقول: (لَيْسَ اللّهُ إِنْسَاناً فَيَكْذِبَ، وَلَا ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ)(عدد 23: 19).
2 - لأن الناسخ والمنسوخ ليس له وجود في اليهودية ولا المسيحية، قال المسيح: (لَا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لِأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. فَإِنِّي الحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لَا يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الكُلُّ) (متى 5: 17-18).
3- لأن الناسخ والمنسوخ يفتح باب الكذب والادعاء، فإذا قال مدَّعي النبوة قولاً وظهر خطؤه، أو إذا اعترض سامعوه عليه قال إنه منسوخ ويأتي بقولٍ آخر ((فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ))[الحج:52].كما ينسخ إله محمد ما يلقيه عليه من قرآن (سورة البقرة 2: 106(!
4 - لأن محمداً اعتبر الناسخ والمنسوخ مِن نفس كلام الله، فهل كان المنسوخ كلاماً إلهياً مكتوباً في اللوح المحفوظ؟ وهل يترتب على نسخه في القرآن نسخه أيضاً في اللوح المحفوظ؟ وكيف يسمح الله لكلامه العزيز بالزوال والاهمال؟ وإلا فلماذا كتب؟
5 - لأن الناسخ والمنسوخ متغلغل في جميع أجزاء القرآن بحيث يتعذر على الراسخين في العلم معرفة الناسخ والمنسوخ بطريقة لا تقبل الشك، مما يجعل أقوال القرآن مبهمة ملتبسة، فقد قالوا: إن السور التي دخلها المنسوخ ولم يدخلها ناسخ هي أربعون سورة، أولها الأنعام ثم الأعراف، يونس، هود، الرعد، الحجر، النحل، الإسراء، الكهف، طه، المؤمنون، النمل، القصص، العنكبوت، الروم، لقمان، المضاجع، الملائكة، الصافات، صَ، الزمر، الزخرف، الدخان، الجاثية، الأحقاف، محمد، قَ، النجم، القمر، الامتحان، نون، المعارج، المدثر، القيامة، الإنسان، عبس، الطارق، الغاشية، التين، الكافرون.
والسور التي فيها ناسخ وليس فيها منسوخ هي ست سور: الفتح، والحشر، والمنافقون، والتغابن، والطلاق، والأعلى.
والسور التي دخلها الناسخ والمنسوخ هي خمس وعشرون سورة، أولها البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنفال، والتوبة، وإبراهيم، والكهف، ومريم، والأنبياء، والحج، والنور، والفرقان، والشعراء، والأحزاب، وسبأ، وغافر، والشورى، والذاريات، والطور، والواقعة، والمجادلة، والمزمل، والكوثر، والعصر. والسور التي لم يدخلها ناسخ ولا منسوخ هي ثلاث وأربعون سورة. فذلك مائة وأربع عشرة سورة.
فإذا جرد القرآن من الناسخ والمنسوخ كان كراسة صغيرة. ومع ذلك ادَّعوا أنه المعجزة الكبرى.
6 - لأن النسخ في القرآن عند علماء المسلمين ثلاثة أنواع: فالنوع الأول: ما نُسخ تلاوته وحكمه. أي بعد كتابته وقراءته لم يكتبوه ولم يقرأوه! والنوع الثاني: ما نُسخ حكمه وبقيت تلاوته. وهو مقدار كبير من آيات القرآن يقرأونها ويعتقدون أن أحكامها ملغية فلا يعملون بها! والنوع الثالث ما نُسخت تلاوته وبقي حكمه. وأمام هذا النوع: نسأل لماذا يكلفنا الله أن نعمل بآيةٍ غير موجودة؟ ألم يكن الأولى أن تبقى في كتابه حتى يحاسبنا بمقتضاها؟
ثانياً: أمثلة للناسخ والمنسوخ:
المنسوخ
الناسخ
السلم في سبيل الدعوة
القتال في سبيل الدعوة
* ((لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ))[البقرة:256].
• ((قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ))[التوبة:29].
• ((وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ))[يونس:99].
• ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ))[التوبة:73].
• قصاص الحبس للزانيات
• قصاص الجلد للزانيات
• ((وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا))[النساء:15].
• ((الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ))[النور:2].
• ثبات الواحد للعشرة
• ثبات الواحد للإثنين.
• ((إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ))[الأنفال:65].
• ((الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ))[الأنفال:66].
• أمر الزوجة المتوفَّى عنها زوجها بالاعتداد سنةً كاملة
• أمر الزوجة المتوفَّى عنها زوجها بالاعتداد أربعة أشهر وعشرة أيام
• ((وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ))[البقرة:240].
• ((وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ))[البقرة:234].
• الخمر إثم وفيها منافع للناس
• الخمر رجس من عمل الشيطان
• ((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا))[البقرة:219].
• (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ))[المائدة:90].
• ثالثاً: الأسباب الحقيقية للناسخ والمنسوخ
• 1 - لماذا نُسخ تحريم القتال في الشهر الحرام؟
• جاء في سورة البقرة 2: 217 ((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ))[البقرة:217].
جاءت هذه الآية الناسخة بعد القتال الذي قام به عبد الله بن جحش الأسدي في الشهر الحرام وإعطائه خُمس السلب لمحمد، وتعيير قريش لمحمد لسبب ارتكاب المسلمين القتال في الشهر الحرام. فلكي يُسكتهم ويُرضي أصحابه ويبرر سلبه قال بهذه الآية الناسخة!
14/ لماذا نسخ بيت المقدس كقِبلة صلاته؟
جاء في سورة البقرة 2: 144 ((قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ))[البقرة:144].
جاءت هذه الآية الناسخة بعد أن كان المسلمون يصلون مستقبِلين بيت المقدس. وأراد محمد أن يستميل العرب إليه، ولكي لا يتحولوا إلى اليهودية التي كان يقدس قبلتها، قال إن الله غيَّر له القبلة إلى القبلة التي يرضاها. فحُكم النسخ ليس حسب المشيئة الإلهية الثابتة بل حسب هوى محمد ورضاه!
3 - لماذا نسخ تمسُّك الرجل بزوجته؟
جاء في سورة الأحزاب 33: 37 ((وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ))[الأحزاب:37].
جاءت هذه الآية الناسخة لزيد أن يتقي الله ويتمسك بزوجته زينب بعد أن خاف محمد من تعيير العرب له أنه يتزوج بزوجة ابنه بالتبنّي، مع ما سبق وأضمره محمد في نفسه ساعة رأى زينب واشتهاها، فقال: سبحان مقلِّب القلوب. ثم قال إن الله أمره بالزواج من زينب!
4 - لماذا نسخ الامتناع عن النساء وقت الصيام؟
جاء في سورة البقرة 2: 187 ((أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ))[البقرة:187].
جاءت هذه الآية الناسخة بعد اعتراف أصحاب محمد، ومنهم عمر بن الخطاب أنهم خانوا نظام الصيام المتبع بإتيانهم نسائهم بعد صلاة العشاء. فجعلت الآية الناسخة الممنوع ممكناً والمحرَّم محلَّلاً!
5 - لماذا نسخ ما حرمه على نفسه وحنث بالقسم؟
جاء في سورة التحريم 66: 1 و2 ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ))[التحريم:1-2].
روى محمد هذه الآية بعد أن أتى بمارية القبطية في بيت زوجته حفصة بنت عمر بن الخطاب، وفي غيبتها، فشقَّ ذلك على حفصة. فأرضاها وقال لها: اكتمي عليَّ وقد حرمتُ مارية القبطية على نفسي. ولكن حفصة أخبرت عائشة. فغضب محمد وطلق حفصة. فكيف السبيل لتحليل مارية بعد أن حرمها على نفسه؟ وكيف السبيل لمراجعة حفصة التي طلقها؟ أتى الناسخ يحلل ذلك، ويعفي من القسَم! فقد أمر الله بمعاشرة مارية المحرمة وبرجوع حفصة المطلقة!
6 - لماذا نسخ تحريم العبث بأشجار الأعداء وقت الحرب؟
جاء في سورة الحشر 59: 5 ((مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ))[الحشر:5] (اللينة النخلة التي ثمرها من دون نوى). ((أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ))[الحشر:5].
لما حاصر محمد يهود بني النضير بجوار يثرب، قطع نخيلهم، فنادوه من الحصون: يا محمد، قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه، فما بال قطع النخيل وتحريقها؟ فارتاب بعض الصحابة بجواز هذا الفعل وتأثروا من اعتراض بني النضير. فأتى الناسخ وجعل هذه الأفعال الفاسدة بإذن الله!
7 - لماذا نسخ الصلاة على غير المسلم؟
جاء في سورة التوبة 9: 84 ((وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ))[التوبة:84].
جاءت هذه الآية بعد فراغ محمد من صلاته على جثة المنافق عبد الله بن أبي سلول وإقامته على قبره حتى نهاية دفنه. وكان عمر يمانع محمداً من الصلاة عليه بسبب نفاقه فلم يمتنع، ولكن إرضاءً لعمر نزل الناسخ ليوقف تأثير الصلاة.
9 - الكلام المتشابه
جاء في سورة آل عمران 3: 7 ((فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا))[آل عمران:7].
اعترف القرآن أن به آيات محكمات لا تقبل الصرف عن ظاهرها ولا الذهاب في محتملاتها مذاهب شتى. كما قال إن به آيات متشابهات لا يتضح معناها لأنها مجملة أو غير موافقة للظاهر إلا بتدقيق الفكر، وما يعلم تأويلها إلا الله، وأن على أشد الناس رسوخاً في العلم أن يسلّموا بها تسليماً أعمى.
ونحن نسأل: أليس وجود هذه المتشابهات نقصاً في البلاغة والإحكام؟ فكيف نتأكد مالا يعلم تأويله إلا الله؟ قال الإنجيل: (امْتَحِنُوا كُلَّ شَيْءٍ. تَمَسَّكُوا بِالحَسَنِ)(1 تسالونيكي 5: 21). فهل يحتمل القرآن الامتحان؟
10 - الكلام المماثل لغيره من كلام الناس
جاء في سورة الإسراء 17: 88 ((قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا))[الإسراء:88].
ونحن نسأل: أليست المعلَّقات السبع ومقامات الحريري أفصح من القرآن؟ أوَليس امرؤ القيس أفصح من محمد؟ أليست قصائد المتنبي والفارض وخطب قس بن ساعدة وغيرهم تحاكي فصاحة القرآن وتخرجه عن كونه معجزة؟ فليس القرآن من المعجزة في شيء؛ لأن المعجزة حدَثٌ يحدث خلاف مجرى الطبيعة وناموسها. فإماتة حي بطريقة مالا يعد معجزة لحدوثه وفق ناموس الطبيعة. ولكن إحياء الميت بواسطة دعاء وأمر يُحسب معجزة. وعليه فتأليف كتاب في نهاية البلاغة والفصاحة لا يعد معجزة بل يعد من نوادر أعمال الإنسان. وإن حسبنا القرآن بناء على سمو بلاغته وفصاحته معجزة، سيلزمنا أن نحسب كثيراً من أشعار العرب وخطبهم معجزات! وإن كان القرآن يتحدى الناس جميعاً في فصاحته، فأي مسلم يقرأ للعرب قصائدهم العامرة وخطبهم الرنانة ويتذرع بالشجاعة في الرأي ويعلن الحقيقة السافرة أن محمداً كأحد هؤلاء العرب أو يقِلّ عنهم؟
وكم هم الذين يزيدون فصاحة من أدباء اليهود في اللغة العبرية ومن أدباء اليونان في اللغة اليونانية ومن أدباء الرومان في اللغة الرومانية، كما هو معروف أن لكل لغة أدباؤها؟ أما معلومات القرآن فلم تزد عن أقوال العرب والمجوس واليهود والنصارى الذين أخذ عنهم.
15/يحتقر الأعمى!
جاء في سورة عبس 80: 1-10 ((عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى))[عبس:1-10]^.
روي أن ابن أم مكتوم أتى محمداً وهو يتكلم مع عظماء قريش، فقال له: أَقرِئني وعلّمني مما علّمك الله. فلم يلتفت محمد إليه وأعرض عنه وقال في نفسه: يقول هؤلاء الصناديد إنما اتَّبعه الصبيان والعبيد والسَّفلة. فعبس وجهه وأشاح عنه، وأقبل على القوم الذين كان يكلمهم.
ونحن نسأل: كيف يراعي محمد أصحاب الجاه ويرفض الفقير والمسكين ويقطب وجهه للأعمى؟ أين هو من المسيح الذي لما جاءه الأعمى أحاطه بعطفه ورعايته وأعاد إليه البصر؟
16/يطرد الفقراء!
جاء في سورة الأنعام 6: 52 ((وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ))[الأنعام:52].
قالوا جاء الأقرع بن حابس التميم وعُيَينة بن حصن الفزاري فوجدوا محمداً قاعداً مع صهيب وبلال وعمار وخباب في نفر من ضعفاء المؤمنين. فلما رأوهم حوله حقّروهم، فقالوا لمحمد: لو جلست في صدر المجلس ونفيت عنا هؤلاء وأرواح جبابهم. وكانت عليهم جباب صوف لها رائحة ليس عليهم غيرها كالسناك، وأخذنا عنك ونحب أن تجعل لنا منك مجلساً تعرف به العرب فضلنا. فإن وفود العرب تأتيك فنستحي أن ترانا العرب مع هؤلاء الأعبُد (العبيد). فإذا نحن جئناك فأَقِمهم عنا. فإذا نحن فرغنا فاقعِدْهم حيث شئت. قال: نعم. قالوا: فاكتب لنا عليك بذلك كتاباً. فأتى بالصحيفة ودعا علياليكتب. ولما راجع نفسه ورأى أنها أحبولة قال إنّ جبريل نهاه.
وقال ابن عباس: إن ناساً من الفقراء كانوا مع النبي فقال ناس من أشراف الناس: نؤمن لك، وإذا صلّينا فأخِّر هؤلاء الذين معك فليصلوا خلفنا فكاد أن يجيب الطلب، ولما رأى ما فيه من الظلم قال إن الله نهاه عن ذلك.
17/ قتل الكلاب!
جاء في سورة المائدة 5: 4 ((يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ))[المائدة:4] (مكلبين أي معلمين لها الصيد). روى الطبري بسنده عن أبي رافع قال: جاء جبريل إلى محمد يستأذنه عليه فأذن له فلم يدخل. فقال: قد أذِنّا لك يا رسول الله. أجل ولكنا لا ندخل بيتاً فيه كلب. قال أبو رافع: فأمرني أن أقتل كل كلب بالمدينة، ففعلت حتى انتهيت إلى امرأة عندها كلب ينبح عليها فتركته رحمةً لها، ثم جئت إلى محمد وأخبرتُه فأمرني بقتله. فأتى عدي بن حاتم وزيد بن المهلهل الطائيين قالا: يا رسول الله إنّا قومٌ نصيد بالكلاب والبزآة وإن كلاب آل ذريح تصيد البقر والحمير والظباء، فماذا يحل لنا؟ فقال هذه العبارة، وأحل كلب الصيد وكلب الماشية بعد أن قتل الجميع!
ونحن نسأل: إن كان جبريل لم يدخل بيت محمد لسبب الكلاب التي فيه، فلماذا لم يكتفِ محمد بقتل كلاب بيته فقط؟ ولماذا أمر بقتل كلب المرأة المسكينة التي رقَّ لها أبو رافع ولم يشأ أن يقتل كلبها وفي الوقت نفسه استحيا كلاب الأغنياء للصيد؟ ثم إن الكلاب كانت في بيت محمد وفي المدينة قبل قتل الكلاب. فكيف كان جبريل يأتي محمداً قبل قتلها؟ إن كان جبريل يكره الكلاب، ألا نقول إن الذي كان يأتي محمداً أولاً هو غير جبريل؟
وفقكم الله وعذراً على الإطالة. هذا عمل ستجدون ثوابه عندما ستتجلى أرواحكم أمام الحي الذي لا يموت.

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

الأخ فيصل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ونشكرك على رسالتك وما تضمنته من مقترحات
وفي الجواب إليك نقول:
أولاً: إن محور القرآن على موقع الشبكة الإسلامية تضمن محوراً فرعياً للرد على الشبهات المثارة حول القرآن بشكل خاص، ومن الشبه التي جاءت في رسالتك وهي ضمن محور الشبهات، والتي يمكنك الاطلاع عليها الشبه التالية:
1- ما أخذ من شعر امرئ القيس، تجد الرد على هذه الشبهة في مقال تحت عنوان: (القرآن الكريم وشعر امرئ القيس).
2- رفع المعطوف على المنصوب، تجد الرد على هذه الشبهة في مقال تحت عنوان: (شبهة لغوية حول قوله تعالى: ((إن الذين آمنوا ... والصابئون)).
3- الإتيان بالضمير العائد على المفرد جمعاً، تجد الرد على هذه الشبهة في مقال تحت عنوان: (شبهة حول قوله تعالى: ((ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ))[البقرة:17].
4- تذكير خبر الاسم المؤنث، تجد الرد على هذه الشبهة في مقال تحت عنوان: (شبهة لغوية حول قوله تعالى: ((إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ))[الأعراف:56].
5- الإتيان بجمع الكثرة حيث أريد القلة، تجد الرد على هذه الشبهة في مقال تحت عنوان: (حول قوله تعالى: ((أَيَّامًا مَعْدُودَةً))[البقرة:80] و((أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ))[البقرة:184].
6- الإتيان باسم الفاعل بدل المصدر، تجد الرد على هذه الشبهة في مقال تحت عنوان: (شبهات لغوية: ((وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ))[البقرة:177].
7- نصب المعطوف على المرفوع، الرد على هذه الشبهة في مقال تحت عنوان: (شبهة لغوية حول قوله تعالى: ((وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ))[البقرة:177].
8- حذف جواب الشرط، تجد الرد على هذه الشبهة في مقال تحت عنوان: (شبهة لغوية ((فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ ... وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ))[يوسف:15].
9- الالتفات من المخاطب إلى الغائب، تجد الرد على هذه الشبهة في مقال تحت عنوان: (شبهة لغوية حول قوله تعالى: ((حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ ...))[يونس:22].
10- عيوب النسخ والمنسوخ، تجد شيئاً من الرد على هذه الشبهة في مقال تحت عنوان: ( شبهة النسخ في القرآن ) .
ثانياً: ثم هناك بعض الشبه قد كُتب فيها، غير أنها لم تحمَّل بعدُ على الموقع، وسوف تنـزل تباعاً بعون الله، كالشبه التالية:
1- الوحي الذي يشك فيه مبلِّغه، كُتب رد على هذه الشبهة في مقال تحت عنوان: (وقفة مع قوله تعالى: ((فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ))[يونس:94].
2- نصب الفاعل، كُتب رد على هذه الشبهة في مقال تحت عنوان: ( إشكال حول قوله تعالى: ((لا يَنَالُ عَهْدِي))[البقرة:124].
3- الإتيان بالضمير العائد على المفرد جمعاً، وقد كُتب رد على هذه الشبهة في مقال تحت عنوان: (رد شبهة لغوية ((وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا))[التوبة:69].
4- نصب المضاف إليه، كُتب رد على هذه الشبهة في مقال تحت عنوان: ( هل في القرآن ما يخالف قاعدة الممنوع من الصرف ) .
5- ((إِنَّ مَثَلَ عِيسَى ...))[آل عمران:59] كُتب رد على هذه الشبهة في مقال تحت عنوان: ((فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ))[مريم:35] التعبير بصيغة المضارع بدل الماضي .
6- الإتيان بتركيب يؤدي إلى اضطراب المعنى، كُتب رد على هذه الشبهة في مقال تحت عنوان: (مرجع الضمائر في قوله تعالى: ((وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ))[الفتح:9].
7- تنوين الممنوع من الصرف، كُتب رد على هذه الشبهة في مقال تحت عنوان: (هل في القرآن ما يخالف قاعدة الممنوع من الصرف).
8- تذكير خبر الاسم المؤنث، كُتب رد على هذه الشبهة في مقال تحت عنوان: (شبهة لغوية حول قوله تعالى: ((إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ))[الأعراف:56].
9- الإتيان بضمير فاعل مع وجود الفاعل، كُتب رد على هذه الشبهة في مقال تحت عنوان: (الجمع بين الفاعل الظاهر والضمير في القرآن ) .
10- الإتيان بضمير المفرد العائد على المثنى، كُتب رد على هذه الشبهة في مقال تحت عنوان: (الضمير المفرد في قوله تعالى: ((وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ))[التوبة:62].
11- الإتيان باسم جمع بدل المثنى، كُتب رد على هذه الشبهة في مقال تحت عنوان: وقفة لغوية مع قوله تعالى: ((فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا))[التحريم:4].
ثالثاً: أما ما جاء في رسالتك من شبه أخرى، فسوف نسعى للرد عليها، سائلين المولى لنا ولك التوفيق والسداد والقبول.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
ما الفائدة من الزواج في ظل هذا الفساد؟ 1580 الثلاثاء 14-07-2020 05:37 صـ
وجدت تعارضا في بعض الأحاديث لم أفهمها سببت لي مشكلة فكرية 533 الأربعاء 01-07-2020 03:15 صـ
ما الذي يجعلني أتبع الدين بدون قيود؟ 2501 الثلاثاء 24-03-2020 05:50 صـ
كيف أثقف نفسي دينيا؟ 4334 الأربعاء 26-02-2020 01:22 صـ
كيف استمر الإسلام بلا تغير مقارنة بالأديان الأخرى؟ 3585 الأربعاء 30-10-2019 03:13 صـ