أرشيف الاستشارات

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إنسانة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالأعراض التي وردت في رسالتكِ تدل على أنكِ تعانين من حالات عصاب القلق، وهي تعرف بمخاوف وقلق التوقع؛ بمعنى أن الإنسان يكون في وضعٍ متوتر وقلق وذلك نسبةً لتخوفه وتوقعه بأن أشياء غير طيبة سوف تحدث، وهذا النوع من القلق معروفٌ وهو بفضل الله تعالى يستجيب للعلاج لدرجة كبيرة، وهو في حد ذاته غالباً ما يكون مرتبطاً بالشخصية؛ حيث أن الشخصية الحساسة والشخصية التي تميل إلى الكتمان في بعض الأحيان ربما تكون عرضة لمثل هذا النوع من قلق العُصاب.

ولا شك أن من أفضل أنواع العلاج هو التوكل، والتوكل بمعناه الحقيقي هو أن يتأمله الإنسان وأن يعيشه وأن يكون موقناً بأن التوكل وسيلة أساسية من وسائل حماية النفس البشرية من القلق والتوتر، فالإنسان يجب أن يفوض أمره إلى الله، وهنالك أذكار معروفة تبعث في نفس الإنسان الطمأنينة.

وأنا على قناعة كاملة بأن الإنسان يقلق مهما كانت درجة إيمانه (البَرُّ والفاجر، الغني والفقير) فالإنسان عرضة لمثل هذه الأشياء، ولكن لا شك أن قناعات التوكل -التوكل على الله تعالى- حين تزداد ويدعم ذلك بالدعاء يبعث ذلك طمأنينة كبيرة في النفس البشرية.. وأنا على قناعة أنكِ حريصة على ذلك ولكن وددت أن أذكره لك حتى تكوني أكثر حرصاً .. هذا أولاً.

ثانياً: أرجو أن تعبري عمَّا بداخلك، وهذه واحدة من وسائل التفريغ النفسي، فأرجو ألا تكتمي ما بداخلك؛ حتى الأشياء البسيطة حاولي أن تعبري عنها.

ثالثاً: هذه الأفكار التي تقوم على القلق وعلى الشفقة الزائدة نحو المستقبل وأن مكروهاً ما سيقع؛ أرجو أن تستبدليها بأفكار مضادة .. قولي لنفسك: أنا بخيرٍ ولله الحمد وسوف أكون أكثر طمأنينة، والخير يقع والشر يقع وأسأل الله تعالى أن يجعل ما هو خير لي في .. وكذلك حين يكون الإنسان في السيارة أو الطيارة أو غيرهما فهو في حفظ الله تعالى وحرزه.

أرجو أن تجري مثل هذا الحوار الداخلي مع نفسك وأنتِ في وضع استرخائي وتمعن حقيقي، فهذه الآليات العلاجية تتطلب أن يخصص الإنسان لها وقتاً وأن يقتنع بأنها وسائل علاجية.

كما سيكون أيضاً من المفيد جدّاً والجيد لك أن تمارسي تمارين الاسترخاء التي هنالك منها عدة أنواع؛ والتي من أهمها تمارين التنفس المتدرجة وتمارين استرخاء العضلات، وتوجد عدة كتيبات وأشرطة منتشرة في المكتبات يمكنكِ أن تتحصلي على أحد منها وتتبعي التعليمات والإرشادات الواردة فيها فيما يخص تطبيق الاسترخاء.

وأما بالنسبة للعلاج الدوائي فبالطبع هو مطلوب، وهنالك عدة أدوية مفيدة جداً، وبالنسبة للأدوية التي يمكن الحصول عليها دون وصفة طبية فأنا لستُ متأكداً ما هو الوضع في المملكة العربية السعودية، ولكن دائماً الأدوية الفعّالة تتطلب وصفة طبية، وعموماً الدواء الأنجع والأفضل في حالتك هو العقار الذي يُعرف باسم زيروكسات، وجرعته في حالتك نصف حبة (10 مليجرامات) ليلاً لمدة أسبوعين، ثم تُرفع بنفس هذا المعدل (نصف حبة) كل أسبوعين حتى تصل إلى حبتين في اليوم، فيمكن أن تتناوليها كجرعة واحدة ليلاً، أو تقسميها إلى حبة في الصباح وحبة في المساء، وحين تصلِي إلى الجرعة الكاملة – وهي حبتين في اليوم – تستمرين عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك تخفضين الجرعة بمعدل نصف حبة كل شهر حتى تتوقفي عن الدواء.

وهذا الدواء سوف يكون مفيداً جداً وفعّالاً جداً، ويمكنك أن تدعمي هذا الدواء بدواء آخر لمدة شهر فقط، وهذا الدواء يعرف باسم فلونكسول، فتناوليه بجرعة حبة واحدة من فئة نصف مليجرام يومياً لمدة شهر.

وهذه هي الأدوية الطيبة والفعّالة والممتازة، ويوجد عقار آخر يعرف باسم سبراليكس، وكذلك لسترال، وكلها مفيدة، ولكن من الناحية العلمية البحثية يعتبر الزيروكسات هو الأفضل.

وأسأل الله لك الشفاء والعافية.

وبالله التوفيق.