أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : منزلة بر الوالدين وثواب الصابرة على وفاة أمها وتحمل مسئولية البيت

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا فتاة أبلغ من العمر (26) عاماً، توفيت أمي منذ عام بمرض خطير، ويشهد الله أني كنت أرعاها وأرعى أسرتي طول فترة مرضها، وبعد وفاتها تحملت أنا مسئولية الاهتمام بشئون المنزل وإخوتي الاثنين.

بعد الوفاة صدمت صدمة شديدة، ولكني تحملت الحزن والألم؛ حتى لا أبدو ضعيفة أو مدعاة للشفقة من أحد، أنا أتألم نفسياً جداً، ولا أستطيع النوم من كثرة التفكير والألم، مررت بخطبتين فاشلتين وأحمل بداخلي جراحا كثيرة، والآلام أكثر.

أريد أن أعرف: هل لي ثواب عند ربي على صبري واحتسابي في وفاة أغلى إنسانة في حياتي، وتحملي مسئولية الأسرة؟ أم أن هذا واجب علي وموقف وضعت فيه رغماً عني؟ ولكم جزيل الاحترام.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ رؤية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

فإن الإحسان للوالدين واجب من الواجبات، وهو عمل جليل مقدم على سائر النوافل والتطوعات، وليس أرفع منه إلا الفرائض المكتوبات، وهذا رجل من السلف ظل يدلك رجل والده ليخفف عنه الألم واستمر على ذلك حتى أصبح، وفي الصباح قال: (والله لا أبالي بعبادة من صلى حتى أصبح)؛ لأن الذي صلى النافلة يقوم بعمل طوعي وهذا كان يؤدي واجباً من الواجبات.

وقد عظمت الشريعة حقوق الوالدين فجعلت رضا الله في رضاهما، وربط الله سبحانه في كتابه بين عبادته وطاعتهما، حتى قال ابن عباس رضي الله عنه: (لا يقبل الله عباده من لا يطيع والديه).
ويتأكد هذا الواجب في حال الكبر والمرض، قال تعالى: ((إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا))[الإسراء:23-24].

وأرجو أن تتأملي هذا التصوير البديع: هل رأيت الطائر حين يحمي صغاره بجناحيه من الحر والبر والمطر؟ إنها صورة تدل على غاية الرفق وكمال الشفقة، وهذا الذي أراده ربنا منا تجاه من كانوا سبباً لوجودنا بعد الله.

وأرجو أن تحمدي الله الذي وفقك للوقوف مع والدتك، وأبشري بجزاء الدنيا مع ما ينتظرك في الآخرة بفضل الله ورحمته، وذلك لأن بر الوالدين من الطاعات التي يجازى عليها الإنسان في الدنيا عافية وتوفيقاً، أو مالاً وسعادة وبراً في الأولاد وتوفيقاً للطاعات.

وقد ضرب السلف الكرام أروع الأمثلة في الشفقة والإحسان، فهذا أحد السلف مرض أبوه فوضع يده الأولى تحت رأسه وكان يدلك بالأخرى بطن والده، وظل كذلك حتى أصبح كراهية أن يوقظ والده حتى شلت يده، وقد جاء في حديث الثلاثة الذين انسدت عليهم الصخرة فتوسلوا إلى الله بأخلص وأصدق أعمالهم، فقال أحدهم: (كان لي أبوان كبيران، وكنت لا أغبق قبلهما أهلاً ولا مالاً.. )، إلى أن قال: (فمكثت والقدح على يدي والصبية يتضاغون حتى بزغ الفجر).

وأرجو أن تعلم أن بر الوالدين لا ينقطع بموتهما، ولكن المسلم يدعو لوالديه ويستغفر لهما ويصل الرحم التي لا توصل إلا بهما، كما أنك مأجورة على قيامك بخدمة الأسرة، كما أن الأحسن لأفراد الأسرة نوع من الإحسان والبر للوالدين.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله والإحسان، فإن لله سبحانه مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.

وبالله التوفيق والسداد.


أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
أشعر أنني السبب في وفاة والدتي، أشيروا علي بنصحكم. 1454 الأربعاء 29-07-2020 03:54 صـ
أمي تدعو علي بعدم التوفيق، فماذا أفعل؟ 2049 الخميس 02-07-2020 04:01 صـ
هل الدعوات تستجاب في حينها، أم يدخرها الله تعالى لوقت آخر؟ 1107 الخميس 02-07-2020 09:31 صـ
كيف أبر أمي وأقوم بحقوقها؟ 1045 الاثنين 22-06-2020 03:10 صـ
هل مشاعري طبيعية أم هي حالة اكتئاب؟ 1036 الأربعاء 17-06-2020 05:53 صـ