أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : الحلول المناسبة لمن يعيش حالة التمزق الفكري

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أعاني من انهيار تام للرؤية بسبب تغير الثوابت التي كانت تشكل حياتي، وهي بخلاصة أني طردت من الوظيفة لأني بعثي سابق؛ مما أدى إلى انقطاع المورد الوحيد لإعالة عائلتي، ترافق هذا مع القناعة بأني ولكوني شيعياً فإني بحاجة إلى أن أترك هذا المذهب؛ لأني أراه بعيداً عن الإسلام ولكن العلاقة الاجتماعية تحول دون ذلك، أنا أعيش بحالة تمزق فكري حيث أرى ما تربيت عليه ينهار دون ما أجد بديلاً له، أرشدوني وفقكم الله. والسلام عليكم.


مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ جمال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نسأل الله أن يُصلح الأحوال، وأن يُبارك في الآجال، وأن يستخدمنا في طاعته، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا...وبعد،،،

فعجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، فلتصبر ولتحتسب، وعندما ينزل البلاء ينقسم الناس إلى طوائف ثلاثة:

1- طائفة كانت على الخير فصبرت على البلاء لتنال به أرفع الدرجات عند الله الذي يقول: (( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ))[الزمر:10]، ويبلغون بصبرهم درجات ما كان لهم أن يبلغوها إلا بالصبر والاحتساب.

2- وطائفة كانت في الغفلة، فلما جاءتها المصائب انتبهت ورجعت إلى الله، ورفعت أكف الضراعة إليه، وهذه أيضاً على خير؛ لأنها فهمت واتعظت، والله تبارك وتعالى يقول: (( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ))[الأنعام:42]، وهؤلاء يُعتبر البلاء في حقهم نعمة؛ لأنه كان سبباً في رجوعهم إلى الله، وتصحيح أخطائهم قبل أن يدركهم الأجل.

3- أما الطائفة الثالثة: فهم الذين كانوا في الغفلة والعصيان، ونزل بهم البلاء فلم يتعظوا ولم ينتبهوا، قال تعالى: (( فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ))[الأنعام:43]، وهؤلاء قد يمهلهم الله عز وجل ولكنه لا يهملهم، وقد يستدرجهم فيفتح لهم بعض الأبواب، قال تعالى: (( حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ))[الأنعام:44] يعني يائسون من كل خير.
فأرجو أن تراجع إيمانك، وتبحث عن موقعك بين الطوائف المذكورة أعلاه، واعلم أن ما عند الله لا يُنال إلا بطاعته، واحمد الله الذي مدَّ لك في العمر حتى تنتبه لنفسك وتخرج من غفلتك، وتذكر أن الأرزاق بيد الله، وأن مهمة المسلم هي السعي والبحث ثم التوكل على الوهاب سبحانه، فابحث عن العقيدة الصحيحة، واسلك السبيل الذي يُرضي الله، ولا أظن أن الصواب يخفى على أمثالك ممن عاش في الغفلات أزماناً، فابحث لنفسك عن النجاة، واعلم أن العلاقات الاجتماعية لا تُفيد صاحبها إلا إذا كانت عوناً له على الحق، وقد عرفت ما كنت عليه من الخطأ، وهذه هي أول خطوات الإصلاح، فسِر على بركة الله، واجتهد في صحبة الأخيار، وتعامل مع أرحامك باللطف والإحسان؛ لعل الله أن يكتب هداية الجميع على يديك، ولا تحمل همَّ الرزق فإن الله تكفل به وقسمه ونحن في بطون أمهاتنا، وهل للطيور وظائف أو معاشات!! ولكن كما قال عليه الصلاة والسلام: (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً) وقد قال الله لنبيه: (( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ))[طه:132]، وقال عليه صلاة الله وسلامه: (إن روح القدس نفخ في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها)، ثم وجهنا فقال: (فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، فخذوا ما حل ودعوا ما حرم عليكم).

وأرجو أن تُكثر من اللجوء إلى الله، وتجنب أكل الحرام وظلم العباد، وأحسن إلى الأرحام، وأطع والديك، وكن في حاجة الضعفاء ليكون الله في حاجتك، ولا تحزن على الماضي الذي تربيت عليه، فإن العبرة بالخواتيم والفلاح في السير على خطا وهدي رسول الله الأمين.

نسأل الله أن يهيئ لأهلنا في العراق من أمرهم رشداً، وأن يعيد لأرض الرافدين أمنها وإيمانها.

وبالله التوفيق.



أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
خائف من أذية الناس لي فكيف أحصن نفسي؟ 3411 الخميس 23-07-2020 05:29 صـ
أتوب من المعصية ثم أرجع لها، فهل سيحرمني الله من النعم؟ 3516 الأحد 19-07-2020 02:55 صـ
أعاني من القلق ونقص العاطفة والحنان من والدي! 1945 الأربعاء 15-07-2020 06:09 صـ
أشعر وكأن الإيمان دخل إلى أعمالي وعقلي، ولم يدخل قلبي! 1586 الثلاثاء 14-07-2020 04:30 صـ
كيف أتخلص من الخوف والاكتئاب؟ 4087 الاثنين 13-07-2020 04:12 صـ